للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُشْتَرَطُ حُصُولُهُ فِي صِحَّةِ جِسْمِهِ وَعَقْلِهِ وَقِيَامِ وَجْهِهِ

أي: يشترط في تمام الهبة حصول الحوز في صحة جسم الواهب وعقله وقيام وجهه. واحترز بصحة الجسم من مرض الموت لما في الموطأ أن أبا بكر رضي الله عنه نحل ابنته أحداً وعشرين وسقاً، فلما حضرته الوفاة فقال: "والله يا ابنتي ما من الناس أحب إليَّ غنىً بعدي منك، ولا أعز عليَّ فقراً منك، وإنه كنتُ نحلتك بواحد وعشرين وسقاً، فلو كنت جردتيه واحتزتيه لكان لك، وإنما هو اليوم مال وارث وإنما هم أخواك وأختاك فاقتسموه على كتاب الله".

واحترز بصحة عقله مما لو جن الواهب قبل الحوز توقف، فإن صح الواهب لزمت وإن اتصل ذلك بالموت بطلت كما سيأتي من كلام المصنف، والمراد بقيام الوجه: ألا يفلس.

ابن عبد السلام: وظاهر كلامهم في غير هذا الموضع أن قيام الوجه هو السلامة من التفليس بالحكم من قيام الغرماء بدين إن أحاط دينهم بمال الغريم ولو لم يحكم القاضي بفلسه، وأما هذا الموضع فإحاطة الدين بمال الواهب مانعة من الحيازة، فقد نص الباجي على أنها لو حيزت وقد كان تداين ديناً يحيط بماله قبل العطية أنها لا تحاز؛ لأنه ليس له أن يعطي ملك غيره.

أصبغ في العتبية: وإن كانت قيمة الموهوب أكثر من قيمة الدين أن يبيع جميعه وإن بيع بقدر الدين قصر عنه فإنه يباع جميعه فيقضي منه الدين ويعطى ما بقي للواهب ولا شيء للموهوب له، كما لو استحقه مستحق؛ لأن الغرماء استحقوه من يده، وأما إن أداه بعد العطية وقبل الحيازة فقال مطرف وابن الماجشون: الدين أولى وتبطل الصدقة والهبة فاعتبر يوم الحيازة، وقال أصبغ: الصدقة أولى من الدين المستحدث وإن لم تقبض، وإنما يراعى يوم الصدقة لا يوم الحيازة.

<<  <  ج: ص:  >  >>