للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (يَحُوزُهُ بِالإِشْهَادِ) بيان لحكم الدين المشبه به وهي جملة في موضع الحال من الدين، وذلك لأنه لما شبه هبة المغصوب بالدين في أحد القولين- بَيَّن حكم الدين، وهي زيادةُ إيضاحٍ، وإلا فقد قام ذلك.

قوله: (وَاخْتَارَهُ سُحْنُونٌ) اختار جعله كالدين، وضمير (أَنْكَرَهُ) عائد على الجعل أو على الاختيار المفهوم من (اخْتَارَ).

واختار محمد أيضاً قول أشهب إلا أنه خالفه في الحجة؛ لأنها ليس حوزاً، وغير هذا يرد: لا يقدر على أكثر من هذا، وقال: لأن الغاصب ضامن فهو كالدين.

اللخمي: وتعليل أشهب أحسن؛ لأن الواجب رفع يده ولا يقدر على أكثر من هذا وليس كالدين؛ لأنه إنما وهب عين المغصوب ولم يهب قيمته ولما قال في المدونة: وليس قبض الغاصب قبضاً للموهوب له، قيل له: ولِمَ والهبة ليست في يد الواهب؟ قالت: لأن الغاصب لم يقبض للموهوب ولا أمره الواهب بذلك فيجوز إذا كان غائباً.

قال بعضهم: ظاهره لو أمره جاز، وهذا إذا رضي الغاصب أن يحوز.

وَفِي هِبَةِ الْمُودَعِ لَمْ يَقُلْ: قَبِلْتُ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ قَوْلانِ، وَكَذَلِكَ مَنْ وُهِبَ لَهُ فَقَبَضَ لِيَتَرَوَّى ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ ...

يعني: إذا وهب رب الوديعة للمودع الوديعة بأن قال: قبلت تمت الهبة وإن لم يقل قبلت حتى مات الواهب، وفي معنى ذلك: إذا وهب الدين للمديان ولم يقل قبلت حتى مات الواهب فقولان: الأول لابن القاسم في المدونة والموازية: أنها باطلة لأنها لم تنقل إلى ملك الموهوب له قبل موت الواهب؛ إذ من شرط النقل القبول.

والثاني لأشهب: أنها جائزة؛ لأن كونها بيده أحذر للحوز، قال في الموازية: إلا أن يقول: لا أقبل، واستحسنه محمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>