للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رأيت مَنْ ذَكَرَ زِيَاداً في قضاة عمر، وقد وَلَّى عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة ومعاوية، وَوَلَّى عليٌّ زياداً وقيسَ بن سعد بن عبادة وهؤلاء هم دهاة العرب، وكان عمر إذا استضعف عقل رجل قال له: "سبحان من خلقك وخلق عمرو بن العاص" وحكاياته في حروبه في فتوح الشام ومصر مشهورة عند الإخباريين، إلا أن هؤلاء كانوا أمراء غير قضاة، وقد يحتاج الأمير في زيادة الدهاء إلى ما لا يحتاج إليه القاضي.

وَلَوْ تَجَرَّدَ عَقْدُ التَّوْلِيَةِ عَنْ الاسْتِخْلافِ لَمْ يَكُنْ لَهُ اسْتِخْلافٌ، وَقِيلَ: إِلا فِي الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ ...

يعني: إن أذن له في الاستخلاف، أو نص له على عدمه عَمِلَ على ذلك، وأما إن تجرد عقد التولية عن ذلك فإن لم يكن له عذر لم يكن له ذلك، وإن كان له عذر فقال مطرف وابن الماجشون: له ذلك. وقال سحنون: ليس له ذلك وإن مرض أو سافر، ورآه كالوكيل المخصوص. هكذا حكى جماعة هذا القول عن سحنون، ومقتضى كلام المصنف أنه المذهب عنده.

ابن راشد: وهذا إذا استخلف في البلد الذي هو فيه ليكفيه بعض تعب الخصوم، وأما إن كان عمل القاضي واسعاً فيريد أن يقدم في الجهات البعيدة فالمشهور الجواز، وقال ابن عبد الحكم؛ لا يجوز إلا بإذن الخليفة.

ابن محرز: ولم يختلفوا أن القاضي ليس له أن يوصي بالقضاء عند موته لغيره، بخلاف الوصي والإمام الأكبر، وضابط ذلك أن كل مَنْ ملك حقاً على وجه لا يملك معه عزله فله أن يوصي به، ويستخلف عليه كالخليفة والوصي والمجبر على ما ذهب إليه ابن القاسم وإمام الصلاة، وكل من ملك حقاً على وجه يملك معه عزله عنه فليس له أن يوصي به كالقاضي والوكيل، ولو كان مفوضاً [٦٥٣/ب] إليه أو خليفة القاضي للأيتام وشبه ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>