ابن راشد: وما نقل عن سحنون من ولاية ذلك الشخص على أن لا يخرج عن أقوال أهل المدينة؛ يريد: قولهم، وكيف يقول الأستاذ ذلك والناس إذا أتوا المالكي إنما يأتونه ليحكم بينهم بمذهب مالك؟! وقد أخبرني القرافي عن شيخه ابن عبد السلام أنه كان يرى في المسألة رأياً، وإذا سئل عنها ترك رأيه وأفتى بقول الشافعي، فقيل له في ذلك فقال: هذا لم يسألني عن اختياري، وإنما سألني عن مذهب الشافعي.
لأن الناس قد يكثرون فلا يكفيهم الواحد، وفهم من كلامه أنه ليس من شرط ولاية القضاء أن تكون عامة، وهو مذهب مالك والشافعي خلافاً لأبي حنيفة في قوله: لا تنعقد إلا عامة. وعلى مذهبنا فيجوز للإمام أن يستثني أشخاصاً لا يحكم بينهم.
أصحابنا: ولا يجوز أن ينهاه الأمير عن النظر في مسألة رجل بعد أن نظر فيها وأشرف على الحكم، أو نوع كالدماء والأموال.
يعني: إذا كان في البلد قاضيان، وتنازع الخصمان في الاختيار، وطلب كل واحد منهما التحاكم عند من لم يطلب صاحبه الحكم عنده، فالقول قول الطالب.
المازري: ولو فرضنا أن يكون الخصمان جميعاً طالبين- كل منهما يطلب صاحبه- فإن لكل منهما أن يطلب حقه عند من شاء من القضاة، ويطلب الآخر حقه عند من شاء.
ونقل ابن عبد السلام عن بعضهم أنه لا يراعي الطالب وإنما يراعي أقربهما مكاناً.
ابن عبد السلام: فإن استوى المكانان أو كان كل واحد منهما طالباً فأشار المازري إلى أنه يرجح من جاء رسوله أولاً، فإن استووا فالقرعة، وينبغي أن ينظر أيضاً فيمن