كأنه نسب المسألة إلى المدونة لإشكالها بسبب تفرقتها بينه وبين رد السلام، وكلاهما مطلوب. وفرق بوجهين:
الأول: أن رد السلام متفق على وجوبه، والردُّ على المشمِّت مختلفٌ فيه بالوجوب والندب، فلا يلزم من إباحة المجمع عليه إباحة المختلف فيه.
والثاني: أن سبب الرد على المشمت منتفٍ؛ فينتفي لانتفاء سببه. وبيانه أن سبب التشميت الحمدُ من العطاس، والمصلى العاطسُ مأمورٌ بترك الحمدِ لاشتغاله بالصلاة، وهذا إنما يتمشى إذا قلنا أن المصلى لا يحمد ربه. قال سحنون، فإنه قال: لا يحمد سرًا ولا جهرًا. ويقرب منه ما قاله في المدونة: لا يحمد الله، فإن فعل ففي نفسه، وتركه خير له. وقيل: يحمد سرًا. وقيل: جهرًا.
وَفِيهَا: إِنْ أَنْصَتَ لِمُخْبِرٍ يَسِيراً جَازَ
كذا قال ابن بشير، قال: وإن طال الإنصات جدًا أبطل الصلاة؛ لأنه انشغل عن الصلاة، وإن كان بين ذلك سجد بعد السلام.
وَابْتِلاعُ شَيْءٍ بَيْنَ أَسْنَانِهِ مُغْتَفَرٌ
يعني: لعموم الضرورة. قال في المدونة: إن ابتلع حبة بين أسنانه لم تبطل صلاته. وهو يحتمل الإباحة والكراهة، وهو أقرب؛ ولذلك جاء الترغيب في السواك عند كل صلاة خشية التشويش على المصلي بما يبقى بين أسنانه من الطعام.