ولأشهب في المجموعة: إذا شُكي القاضي في أحكامه [٦٥٤/ب] وميله بغير حق، فينبغي للإمام أن ينظر في أمره قَلَّ شاكوه أو كثروا، فيبعث إلى رجال من أهل بلده ممن يثق بهم فيسألهم عنه سراً، فإن صدقوا قول الشكاة عزله ونظر في أقضيته فيمضي ما وافق الحق ويبطل ما خالفه، وإن قال مَنْ سألهم عنه: لم نعلم إلا خيراً وهو عدل عندناً، ثبَّته وتفقد أقضيته. فما خالف السُّنَةِ رَدَّهُ وما وافقها أمضاه، ويحمل على أنه لم يتعمد جوراً ولكنه أخطأ.
مطرف وأشهب: وينبغي للإمام ألا يغفل عن التفقد لقضاته، فإنهم سنام أمره ورأس سلطانه.
ابن عبد السلام: وفي النفس شيء من احتجاج الفقهاء في مسألة القضاء بقضية سعد ونحوها من الأمراء، وذلك أن الأمير نظره أوسع من نظر القاضي، فإن نظره مقصور على مسائل الخصام، وهو مستند فيها إلى الإقرار والبينة وشبه ذلك من الطرق فيظهر عدله وتبعد التهمة في حقه.
كلامه ظاهر تصوراً وتصديقاً، وإنما تظهر الجرحة لئلا يتولى بعد ذلك، وما ذكره من قضية شرحبيل هكذا ذكرها سحنون في المجموعة.
ابن عبد السلام: وليس فيها كبير حجة؛ لأن شرحبيل طلب ذلك. انتهى. وفي القضية نظر من وجه آخر؛ لأن ما نقله صاحب الاستيعاب يخالفها، لأنه نقل أن شرحبيل صيره أبو بكر وعمر رضي الله عنهما على جيش الشام ولم يزل والياً على بعض نواحي الشام لعمر إلى أن هلك في طاعون عمواس مع أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم في يوم واحد سنة ثمان عشرة. واستعمل المصنف شرحبيل غير منصرف، وكذلك ذكره الزبيدي.