للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلا يُقْبَلُ هَدِيَّةً مُطْلَقاً وَلَوْ كَافَأَ عَلَيْهَا أَضْعَافَهَا، إِلا مِنْ وَلَدِهِ أَوْ وَالَدِهِ وَأَشْبَاهِهِمْ

ظاهر قوله: (وَلا يُقْبَلُ) المنع، وعليه ينبغي أن يحمل قوله.

ابن حبيب: لم يختلف العلماء في كراهة قبول الإمام الأكبر وقاضيه وجباة أموال المسلمين الهدايا، قال: وهو مذهب مالك وأهل السنة، وذلك كما قال ربيعة: إنها ذريعة إلى الرشوة، ولهذا قال عليه السلام في العامل الذي بعثه على الصدقة فقال: هذا لكم وهذا أهدي لي: "ما بال عامل أبعثه فيقول: هذا لكم وهذا لي، أفلا قعد في بيت أبيه أو بيت أمه حتى ينظر أيهدي إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئاً إلا جاء يوم القيامة يحمله على عنقه؛ بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه، ثم قال: اللهم هل بلغت" مرتين وقال صلى الله عليه وسلم في مثل هذا: "إنه غلول".

وقوله: (مُطْلَقاً) أي: سواء كانت حال الخصام أو قبله، ولو كافأ عليها أضعافها.

وعن أشهب جواز قبولها من غير الخصوم إذا كافأ عليها بمثلها.

ثم استثنى الولد والوالد، ونحوهم من الخالة والعمة وبنت الأخ؛ لارتفاع التهمة؛ لأنه معلوم أن بينه وبين أبيه وولده من الحرمة وشدة الميل ما لا يحتاج معه إلى تأكيد الهدية، ولأن مثل هؤلاء إنما تطرق التهمة إلى القاضي إذا حكم من جهة القرابة من الهدية، بخلاف الأجانب والأقارب البعداء على عادتهم من إهدائهم له قبل الولاية. ومنعهم على قولين: الجواز لابن عبد الحكم.

ابن حبيب: ويأخذ الإمام من قضاته وعماله ما وجد في أيديهم زائداً على ما ارتزقوه من بيت المال، ويحصى ما عند القاضي حين ولايته، ويأخذ ما اكتسبه زائداً، وقدر أن هذا التكسب إنما اكتسبه بجاه القضاء، وتأول أن مقاسمة عمر رضي الله عنه ومشاطرته لعماله كأبي

<<  <  ج: ص:  >  >>