وقوله:(مُتَّفِقَيْنِ) مثنى لاثنين؛ لأنهما إذا اختلفا لم يحصل النصاب، ويحتلم أن يكون جمعاً لكنه يكون الاختلاف مقيداً بما تبطل بمثله شهادة الكبار، كما لو شهد اثنان منهم أن فلاناً شج فلاناً، وقال آخران: بل شجه فلان، فقال مالك: تبطل شهادتهم.
الباجي: ولو اختلفوا اختلافاً يقتضي في الكبار الأخذ بشهادة أحدهما لم تبطل، وقال ابن الماجشون: لو شهد صبيان أن صبياً قتل صبياً وشهد آخران أنه لم يقتله وإنما أصابته دابة قضى بشهادة من شهد بالقتل، وقال بعض القرويين: بل هو اختلاف يوجب سقوط شهادتهم.
وروى ابن وهب عن مالك في ستة صبيان لعبوا في البحر فغرق واحد منهم، فشهد ثلاثة على اثنين أنهما أغرقاه، وشهد الاثنان على الثلاثة أنهم أغرقوه- أن العقل على الخمسة؛ لأن شهادتهم مختلفة، وقال مطرف وابن المواز: لا تجوز لاختلافهم.
وقوله:(غَيْرَ مُخْتَلِفَيْنِ) نعت تأكيدي لمتفقين.
الشرط الخامس: أن تكون شهادتهم قبل تفرقهم؛ لأن تفرقهم مظنة تخبيبهم وتعليمهم؛ فلا تقبل إلا أن يشهد العدول على شهادتهم قبل تفرقهم.
وَفِي اشْتِرَاطِ الذُّكُورِيَّةِ قَوْلانِ
الشرط السادس: الذكورية، وهي شرط عند مالك في المدونة، وهو المشهور، وبه قال ابن القاسم في شهادات المدونة، وبه قال ابن الماجشون وأشهب وسحنون، وأجاز المغيرة شهادتهن.
أبو عمران: يعني في الجراح والقتل، وقال ابن محرز: الأظهر أنه يجيزها في الجراح فقط، وعلى القبول فروى معن بن عيسى ومطرف عن مالك اشتراط ذكر معهن، فقال: يقبل غلام وجاريتان، وقال ابن الماجشون: لا يجوز غلام وجارية، ولا جوارٍ وإن كثرن.
ابن رشد وغيره: عن ابن الماجشون أنه تجوز شهادة الصبيات وحدهن دون صبي.