الاستزكاء: طلب التزكية، وحاصله إنما يطلب الحاكم التزكية إذا شك في أمره، وأما إن علم عدالته وجرحته فإنه يعمل على ذلك، وهكذا قال في المدونة والعتبية وغيرهما. وشهد ابن أبي حازم عند قاضي المدينة أو عاملها فقال: أما الاسم فعدل، ولكن من يعرف أنك ابن أبي حازم. قال في النوادر: وأعجب ذلك مشايخنا.
وقوله:(وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الاسْتِزْكَاءُ) أي: على القاضي، وإذا وجب هذا على القاضي فلا يجوز له أن يقبل المسلم المجهول الحال، خلافاً لأبي حنيفة رضي الله عنه.
وأجاز [٦٦٦/ أ] ابن حبيب قبول شهادة الغرباء على التوسم فيهم، وأجاز بعض المتأخرين مثل ذلك في أهل البلد في اليسير من الحقوق، واختار ابن عبد البر وجماعة من العلماء قبول رواية طلبة العلم، وجعل الأصل فيهم العدالة حتى يظهر خلافه؛ لقوله عليه السلام:"يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله" أي: ويقبل الكافر بإثر إسلامه على ظاهر المذهب؛ لأنه محيت عنه الآثام، وتوقف ابن القصار في قبولهما حتى يظهر من حاله ما يوجب قبولها.
ابن عبد السلام: ورأيت في بعض التعاليق مما ينسب لأبي عمران أنه ينظر إلى صفات هذا الشاهد قبل إسلامه، فإن كانت لم ينقص منها إلا وصف الإسلام قبلت، وإن كانت على غير هذا أو جهل أمره توقف القاضي عنها.
يعني: إذا أقر المشهود عليه بأن الذي شهد عليه عدل فإن الحاكم يحكم عليه لإقراره بعدالته، وحكى في الكافي عن أصبغ أنه لا يحكم عليه إلا بالتزكية ولو رضي الخصم بعدالته.