ويتخرج على ما اتفق عليه فقهاء قرطبة في أيام القاضي ابن بشير فيمن باع حراً وتعذر فسخ البيع:"أن عليه الدية" أن يكون هنا عليه الدية، وعلى ما ذكره المصنف فيغرم الشاهدان للعبد من ماله، ثم ليس لمن قضى له بملكه أن يأخذ ذلك؛ لأنهما لم يتلفاه عليه، ولأنه لو أخذه لزمهما غرامته [٦٨٦/ أ] ثانياً وثالثاً ويتسلسل، فإن مات العبد وما أخذه من الشاهدين في يده ورثه ورثته الأحرار؛ لأنه إنما ملكه على تقدير أنه حر، ولذلك كان له الهبة والصدقة والعتق فيه، وليس له التزويج في هذا المال ولا في غيره؛ لأن ذلك يعيب رقبته.
تصور المسألة واضح، وإنما غرما للمشهود عليه خمسين لاعترافهما أنهما أخرجا خمسين من يد المشهود عليه إلى من لا حق له فيها.
وقوله:(لِزَيْدٍ) لأن شهادتهما ثانياً لا تقبل؛ لأنهما مجرحان.
ابن عبد السلام: ولم يضمن أهل المذهب الشاهدين لزيد شيئاً وعذروهما بالنسيان، وقد اختلف في المودع هل يضمن بالنسيان، وقد ضمنوا من أقر بثوب لزيد ثم لعمرو، فألزموا المقر قيمة الثوب لعمرو ولم يعذروه بنسيانه أولاً، وقد يفرق بأن الشاهد يكثر تحمله للشهادة ولو ضمن بالنسيان لكثر تضمينه، وفي ذلك ضرر عظيم، لكنه لو أقر أنه شهد أولاً لمن شهد له متعمداً للزور لانبغى أن يتفق على تضمينه للثاني.