أحدهما بشهادة راجحة أو يصطلحان؛ هذا القول غير معروف في المذهب وإنما هو محكي عن الشافعي، وإنما في المذهب رواية ثانية بأنه يقسم بينهما لأن البينتين اتفقتا على انتزاعه من يده، وقيل: يبقى لمن هو تحت يده؛ لأنه يقول: خرج بعضها بعضاً، أو وقف بعضها بعضاً؛ أي: ذلك كان لا ينزع من يدي، وإن اعترف به أحدهما كان على القولين، فمن قال: إن من ادعاه لنفسه يقر في يديه يجعله الآن لمن أقر بيده، ومن قال أنه ينتزع منه يقول هذا كذلك، واختلف أيضاً إذا أقر لغيرهما هل يكون له أو يقسم بينهما؟
يعني: إن لم يكن المتنازع فيه بيد أحدهما، كما لو تنازعا في عفو من الأرض، ويدخل في قوله ما كان بيد ثالث على أحد القولين المتقدمين، وظاهر قوله:(يُقْسَمُ) أنه يقسم في الحال وفي تفصيل، فإن كان يخشى فساده، قال في المدونة: كالحيوان، والرقيق، والطعام؛ فإنه يستأني فإن لم يأتيا بشيء وخيف عيه قسم بينهما، وإن كان مما لا يخشى عليه الفساد كالدور، قال في المدونة: يترك حتى يأتي أحدهما بأعدل مما أتى به صاحبه. ابن القاسم: إلا أن يطول الزمان ولا يأتيان بشيء غير ما أتيا به أولاً؛ لأنه يقسم بينهما لأن ترك ذلك ووقفه ضرر. ابن نافع: إنه قال يوقف إذاً حتى يأتي أحدهما بأثبت مما أتى به صاحبه.
وقوله:(اتِّفَاقاً) راجع إلى قوله: (قَدْرِ الدَّعَاوِي) لا إلى (القسم) للاختلاف في قسم العفو من الأرض، فإن فيه رواية ابن نافع ورواية ابن القاسم المذكورتين آنفاً.
ابن عبد السلام: فإن قلت في نقله لرواية ابن القاسم نظر؛ فإنه في المدونة لم يصرح بذلك. قيل: قد نقل أبو الحسن أن ابن القاسم قال في المدونة: إنه يقسم بينهما، قال: وهو تفسير للمدونة، واختلف إذا أقام أحد المدعيين للعفو بينة أعدل، هل يحلف معها وهو مذهب المدونة، ومذهب سحنون والقرويين ومعظم الأندلسيين لا يرون عليه يميناً.