الخصمين، فإن انطبق رسم المدعي على أحدهما ورسم المدعي عليه على الآخر فذلك غاية البيان، وإن انطبق رسم المدعي على كلام أحدهما ولم ينطبق رسم المدعي عليه على كلام آخر لم يضره ذلك؛ لأن معرفة المدعي توجب معرفة المدعي عليه وكذلك العكس.
يعني: أنه لا عبرة بلفظ المدعي عليه، وإنما المعتبر المعنى المذكور، فلأجل ذلك المعنى كان قول المدعي لرد الوديعة إذا لم يكن أصلها ببينة مقبولاً؛ لأنه ترجح بمعهود عرفي، إذ العرف في ائتمانه يقتضي تصديقه، وكان قول مدعي الحرية في الأصل مقبولاً؛ لأنه ترجح بأصل، إذ الأصل عدم الرق، اللهم إلا أن يثبت عليه حرز الملك فيستصحب، وهكذا نص عليه في كتاب العتق الثاني من المدونة.
قوله:(بخِلافِ مُدَّعِي الْعِتْقِ) أي: فإن قوله غير مقبول؛ لأنه ثبت رقه والأصل استصحابه. ابن عبد السلام: وقد قيل بمسألة الحرية ثلاثة أقوال.
فوائد:
الأولى: أن من تمسك بالأصل فهو المدعي عليه وخصمه هو المدعي، وذلك من قوله:(وَمُدَّعِي حُرِّيَّةِ الأَصْلِ).
الثانية: بين قوله: (مَا لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ حَوْزُ الْمِلْكِ) أن الأصل والغالب إذا تعارضا فالحكم للغالب.
الثالثة: إذا ثبت الانتقال عن الأصل ببينة أو إقرار، فمن طلب رفعه فهو المدعي.