للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونقل أبو الحسن: أنه إذا اجتمع على رجل حدان لله جميعاً، أو لآدمي، أو أحدهما لله، فإن كان فيه محل لأحدهما وهما جميعاً لله؛ يرى أكثرهما كالحد للزنى وشرب الخمر، فيحد للزنى إلا أن يخاف عليه من الثمانين، وإن كان الخوف أضعف ابتدئ بالحد عن الزنى، فأقيم عليه ثم يستكمل وقتاً بعد وقت، فإذا كمل المائة ضرب لشرب الخمر، وإن كان الحقان لآدمي؛ لأنه قطع هذا وقذف هذا، اقترعا أيهما يبدأ بإقامة حقه من غير مراعاة للآخر، وإن كان فيه محل لأحدهما دون الآخر أقيم عليه الأدنى من غير قرعة، وإن كان أحدهما لله والآخر لآدمي؛ بدئ بحق الله، إلا أن يكون فيه محمل إلا لما هو لآدمي فيقام عليه ويؤخر ما هو لله تعالى لوقت لا يخاف عليه، وإن كان الخوف في أي وقت وكان الحق لله تعالى ابتدئ به. انتهى.

وكذلك أيضاً إذا خيف عليه التلف للموالاة في حق الله تعالى وحق الآدمي لا يوالي عليه بذلك، قال في المدونة: ولو قطع السارق شمال رجل؛ قطعت يمينه في السرقة وشماله قصاصاً، وللإمام أن يجمع ذلك ويفرقه بقدر ما يخاف عليه أو يأمن، وكذلك الحد والنكال يجتمعان جميعاً على رجل، فإن اجتمع عليه حد لله تعالى وحد للعباد بدئ بالحق الذي لله؛ إذ لا عفو فيه، فإن عاش أخذ منه حق العباد، وإن مات بطل حقه.

قال في المدونة: إن سرق وقطع يمين رجل؛ قطع في السرقة فقط؛ إذ هي آكد ولا عفو فيه ولا شيء للمقطوعة يده، كما لو ذهبت يد القاطع بأمر من الله تعالى. وقوله: (بخِلافِ قَطْعِ الْحِرَابَةِ) هكذا في الموازية وغيرها، وعلل ذلك بأن حده إما القطع وإما القتل.

ابن عبد السلام: وليس عندي بالبين؛ لأنا لا نخير الحاكم في قصاص المحارب مجرداً. انتهى. وإنما يجعل له الاجتهاد فيمن تعين له بعض تلك الحدود، وفي آية الحرابة، وعلى هذا فمن يستحق القطع في الحرابة لا ينبغي أن يقضي عليه بالنفي فلا يزاد عليه. انتهى. وهذا كلام ظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>