(مُوجَبِ) بفتح الجيم، اختلف فيما يوجب العمد، هل القصاص فقط وهي رواية ابن القاسم، أو التخيير بينه وبين الدية وهي رواية أشهب، وبها قال أشهب واختيار جماعة من المتأخرين؛ لما في الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:"مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ؛ إِمَّا أَنْ يُؤَدِي، وَإِمَّا أَنْ يُؤّدِي، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ". قال جماعة: هذا الخلاف إنما هو في النفس، وأما الجرح العمد فإن أشهب يوافق المشهور، ونقل عن ابن عبد الحكم التخيير في جراح العمد كالنفس، وفرق الباجي بين الجراح والنفس على رواية أشهب؛ بأن الجارح يريد استيفاء الحال لنفسه، والقاتل إذا قتل ترك المال لغيره، فهو مضار بامتناعه من الدية.
يعني: إذا فرعنا على رواية ابن القاسم وهي تعين القود، فإذا عفا عنه لم تبق له مطالبة، وسواء قال: عفوت عن القصاص، أو قال: عفوت وأطلق، فقوله:(مُطلَقاً) صفة لمصدر محذوف؛ أي: عفواً مطلقاً غير مقيد سقط القصاص لتصريحه بالعفو عنه، والدية لأنها غير واجبة له في الأصل. وفاعل (قَالَ) عائد على مالك، ولعله نسبه لمالك لإشكاله على عادته وعادة غيرهم أنهم يتبرءون من بعض المسائل ينسبونها لأهل المذهب بقولهم: قالوا. أو ينسبونها لمالك إشارة منهم إلى أنه ليس فيها إلا النقل، ووجه الإشكال الذي أشار إليه المصنف هنا ظاهر؛ لأن الدية إذا لم تكن واجبة له في الأصل فلا يقبل قوله في إرادتها، وعبر المصنف بقوله:(أَنْ يَظْهَرَ) وفي المدونة: لفظة (بَيْنَ) أقوى، ولهذا [٧٠٧/أ] قال ابن عبد السلام: التحقيق إن كان الذي ظهر من ولي الدم أمارة قوية تدل على انه ما عفا إلا لأجل الدية؛ فيحلف ويبقى على حقه في القصاص إذا امتنع القاتل من