أعظم من الأموال، وهو لو قال عند موته: لي عند فلان كذا لم يقبل، وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عنه عليه الصلاة والسلام:"لو يعطي الناس بدعواهم لادعى الناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه"، ورأى علماؤنا أن هذه الدعوى لا تشابه دعوى المال ولا غيره، لأن هذا أًل قائم بنفسه، ومن تحقق مصيره إلى الآخرة وأشرف على الموت فلا يتهم في إراقة دم مسلم ظلماً، وغلبة الظن في هذا تتنزل منزلة غلبة الظن في الشاهد، وكيف لا والغالب من أحوال الناس عند الموت التوبة والاستغفار والندم على التفريط ورد المظالم، فكيف يتزود من دنياه بقتل النفس، هذا خلاف الظاهر وغير المعتاد، واحتج علماؤنا أياضً ببقرة بني إسرائيل، واعترض عليهم بأن ذلك شرع من قبلنا، أو بأنها معجزة لموسى صلى الله عليه وسلم، وقتيل بني إسرائيل لم يقسم عليه أحد بيمين واحدة ولا خمسين [٧١٨/ب] وأجيب بأن المختار أن شريعة من قبلنا شرع لنا ما لم ينسخ، وعن الثاني أن المعجزة إنما هي في إحيائه لا في قبول قول، ولم يحتج في قصة بني إسرائيل لليمين لتيقن الصدق وفيه بحث لا يخفى.
وقوله:(حُرَّاً أَوْ عَبْداً) يعني: أنه لا فرق في المدعى عليه بين أن يكون حراً أو عبداً صبياً أو بالغاً رجلاً أو امرأة عدلاً أو مسخوطاً وهذا هو المشهور، ولو كان المدعى عليه القتل أورع من في زمانه قاله في المدونة، وقال ابن عبد الحكم: لا يقبل قول المسخوط على العدل لبعد دعواه، وظاهر المذهب قبول تدمية المرأة على زوجها، وقال ابن مزين لا يقبل قولها على زوجها؛ لأنه أذن له في ضربها، وقد يتصل بالموت، وظاهر قول المصنف قتلني، أنه لا فرق بين أن يكون فيه جرح أو لا، قيل وهو ظاهر المدونة ورواه ابن وهب عن مالك وقاله أصبغ، وعن ابن القاسم: لاتقبل إلا مع الجرح، المتيطي: ويقول ابن القاسم العمل والحكم، زاد صاحب البيان ثالثاً بالقبول في الشاهد دون التدمية بقوله: وعلى قبول قوله فلا يسجن المدعي عليه ما دام المدعي حياً، لأنه يتهم أن يكون أراد سجنه