ابن حبيب: ونادى منادي علي بن أبي طالب رضي الله عنه في بعض من حاربه ألا يتبع مدبر ولا يجهز على جريح ولا يقتل أسير، ثم كان موطن آخر في غيرهم فأمر باتباع المدبر وقتل الأسير والإجهاز على الجريح، فعوتب في ذلك، فقال: هؤلاء لهم فئة ينحازون إليها، الأولون لم تكن لهم فئة، ومعنى (أَلاَّ يُذَفَّفَ): لا يجهز، ونقل في النوادر [٧٢٢/ب] عن سحنون أنه قال: سمعت اصحابنا يقولون لا يقتل منهزم العصبية ويقتل منهزم الخوارج على كل حال، ولعله إذا كان لهم إمام وفئة يوافق الأول.
وَفِي قَتْلِ الرَّجُلِ أَبَاهُ قَوْلانِ
ظاهره أنه من منع ذلك منعه على وجه التحريم، وهذا القول إنما هو منقول عن سحنون، وقال: لا أحب وظاهره الكراهة، وقد صرح سحنون في موضع آخر بالكراهة، وقال: من غيرتحريم، سحنون: وله قتل أبيه وأخيه وجده لأبيه وأمه، والقول بأن له أن يقتل أباه لأصبغ، وسكت عن الأم؛ لأن الغالب عدم قتالها ولا فهي أزيد من الأب برَّاً.
ويرد إلى المال المستعان به وغيره من سائر أموالهم لأنهم مسلمون، لم يزل ملكهم عن أموالهم، فُهِمَ من كلامه أن غير السلاح والكراع لا يستعان به عليهم، وأن السلاح والكراع إذا لم يحتج إليها لا يجوز أخذها، وهكذا نقل عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه جواز الاستعانة وإلا فالأصل عدم الجواز لقوله عليه الصلاة والسلام: <لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس".