وأجيب أنه إنما رده؛ لأنه إنما استنكر عقله، مع أن في بعضها مرتين وفي بعضها ثلاثاً قاله أبو عمران، وعمدتنا حديث العسيف الذي في الصحيح:"اغْدُ يا أنيسُ على امرأةِ هذا فإن اعترفتْ فارجمها"، ولم يذكر عدداً. والثاني: البينة. والثالث: ظهور الحمل خلافاً لأبي حنيفة والشافعي، ولما في الموطأ عن عمر رضي الله عنه: الرجم في كتاب الهل حق على من جنى من الرجال والنساء، إذا أحصن، إذا قامت البينة، أو كان الحمل أو الاعتراف.
يعني: أنرجوع المقر بالزنى إلى ما يعذر به كما لو قال: أصبت امرأتي أو جاريتي حائضاً فظننت ذلك زنَّى أو جاريتي وهي أختي من الرضاعة.
ابن المواز: ولم يختلف فيه أصحاب مالك، وحكى الخطابي عن مالك قولاً بعدم قبول رجوع المقر واستغربه ابن زرقون.
قوله:(وَفِي إِكْذَابِ نَفْسِهِ) يعني: لو قال: كذبت ولم يبد عذراً، فقال ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم لا يحد، وروي عن أبي بكر وعمر وعلي وأبي هريرة وابن مسعود رضي الله عنهم، ورأوا أن ذلك شبهة لاحتمال صدقه ثانياً، وقال أشهب: لا يعذر إلا بما يعذر به، وروي عن مالك وبه قال عبد الملك.
فرع:
اختلف قول مالك في المقر بالزنى وشرب الخمر يقام عليه بعض الحد فيرجع تحت الجلد قبل التمام، فقال مرة، إن أقيم عليه أكثر الحد أتم عليه؛ لأن رجوعه ندم، ومرة قال: لا يقتل ولا يضرب بعد رجوعه، وهو قول ابن القاسم، قيل: وهو قول جماعة العلماء، وقد هرب ماعز لما رجم فاتبعوه، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه.