وإن رفع رأسه إلى القيام سجد قبل السلام, لنقصه جزءاً مِن النهضة, لأن حقه أن ينهض إلى القيامِ مِن جلوس, فنهض إليه من سجود, وفى ذلك نقصُ شيء من النهضة.
وَيُؤْخَذُ تَارِكُ الصَّلاةِ بِهَا فِي آخِرِ الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ لا الاخْتِيَارِيِّ عَلَى الْمَشْهُورِ
أى: إن تارك الصلاة لا يُقَرُّ على التَّرْكِ, ويُؤَاخذ على ذلك, وهذا متفق عليه. واختُلف فى وقت المؤاخذة, فالمشهورُ أنه آخرُ الوقت الضرورى, المازرى: والمعروف أنه لا يُقتل حتى يبقى بينه وبين آخر الوقت الضرورى مقدارُ ركعة, فحينئذ إن لم يُصَلِّ قُتِل. والمشهورُ اعتبارُ ركعة بسجدتيها, وقال أشهب: الركوع فقط. ولا يُعتبر مقدارُ قراءة الفاتحة, لأنه قد قيل عندنا: إنها ليست فرضاً فى كل ركعة. وقد ذكر ابن خويزمنداد أن المعتبر مقدار أربع ركعات للعصر قبل الغروب, مع القول باعتبار الوقت الضرورى, وكان عبد الحميد يقول: إذا راعينا الخلاف لم يقتل حتى يبقى من الوقت مقدارُ تكبيرة الإحرام, لأن الجماعة قد قالوا بالإدراك بذلك, وهذا التحفظُ– لصيانة الدم– طَرَفُ نقيضٍ مع ماذكره ابن خويزمنداد من أنه إنما يؤخر إلى آخر الوقت الاختيارى, ليس بشيئ إلا أن يرى قائلُه أن مابعد الوقت الاختيارى ليس بوقتٍ للأداء. انتهى كلام المازى. وذكر عن أشهب أنه لا يُقتل حتى يَخرج الوقت, فإذا خرج الوقت ولم يصلِّ قُتِلَ. قال ابن رشد: وهو الأقيس, لأن الموجبَ هو الترك, ولا يتحقق إلا بعد ذهاب الوقت, وإيقاعُ المسَّببِ قبل وقوع سَببِه مُحَالٌ.
فَإِنِ امْتَنَعَ فِعْلاً وَقَوْلاً قُتِلَ حَدّاً لا كُفْراً. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: كُفْراً
أى: إن امتنع مِن فِعلها, وقال لا أصلى فإنه يقتل وفاقاً للجمهور, خلافاً لأبى حنيفة والماتريدى فى قولهما: أنه يُحبس ويُهدَّد ولا يقتل. وعلى المذهب لا يُقتل ابتداءً, بل يهدد, ولا يضرب, صرح بذلك ابن الجلاب, وظاهر المذهب أنه يضرب بالسيف, لأنه المتعارف.