ابن الماجشون: وإن قال لرجل يا مأبون وهو رجل في كلامه تأنيث ويضرب بالكبر ويلعب في الأعراس ويتهم بما قيل له فيما يخرجه عن الحد، واختلف إذا قال لرجلٍ يا مخنث، قال مالك في المدونة: احلف ما أراد قذفاً وينكل، فإن نكل حد. وفي الموازية: إن كان في المقول له تصنع في يديه أو من عمل النساء شيء أو لين الكلام، أحلف ما أراد غيره إن كان بريئاً من ذلك ولا شيء فيه منه حد القائل. وحمل اللخمي ما في الموازية على الخلاف وحمله غيره على التفسير بما في المدونة. وإن قال: يا ابن منزلة الركبان. ففي الواضحة: يحد. وكذلك إن قال يا ابن ذات الراية، وإن قامت فلانة في أعكانها حد عند ابن القاسم خلافاً لأشهب. وفي الموازية: من قال لرجل: يا ابن زانٍ، جلد لزوجته إن طلبت لأن القرنان عند الناس زوج الفاعلة، وقاله ابن القاسم في غير الموازية، ولم يرمِ فزعم فيه الحد، وقال يجلد عشرين سوطاً.
الجوهري: الكناية أن يتكلم بشيء ويريد به غيره. وفي تلخيص المفتاح: الكناية: لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادته معه. والمصنف رحمه الله لما رأى أن التعيرض خلاف الكناية عند علماء البيان، ورأى أن أهل المذهب لم يفرقوا بينهما لكونهم لم يقسموا القذف إلا إلى صريح وتعريض، تبع في ذلك علماء البيان، وأِعر ذلك بمعرفة هذا الفن وبعدم ارتضائه قول الفقهاء، وليس ذلك بمجرد مخالفتهم أصحاب علم البيان، فإن هذا يرجع إلى الخلاف في الاصطلاح وطائل تحت، ولكن لأن دلالة التعريض أقوى من الكناية، والوارد عن عمر رضي الله عنه إنما هو في التعريض وهو أصل هذا الباب، فلا يصح قياس الكناية عليه. ومثل المصنف بقوله:(أَنْتَ بحُرَّ، أَوْ يَا رُومِيُّ، أَوْ يَا فَارِسِيُّ لِعَرَبِيٍّ)؛