على إقراره بالزنى بناء على أنه هل يثبت الإقرار بمعنى هذين أم لا، وهذا في ظاهر الحكم، وأما الباطن في المدونة أن المقذوف إذا كان يعلم من نفسه أنه زنّى جاز أن يقوم بحد القذف. وقال ابن عبد الحكم: لا يجوز له القيام به. وقال ابن القاسم: إن كان المقذوف يعلم أن القاذف اطلع على زنّى وتحققه فقذفه لأجل ذلك، لم يكن للمقذوف أن يقوم بحقه. واختار بعضهم قول ابن عبد الحكم.
قوله:(وَيَسْقُطُ الإِحْصَانُ) أي: المشترط هنا لا في الرجم بثبوت كل وطء يوجب الحد، فيخرج وطء البهيمة ووطء الشبهة، ووطء الشبهة قبل القذف أو بعده، ولا يعود إليه الإحصان. وإمكان الإحصان مركب من أربعة أوصاف، لزم انعدامه بانعدام وصف منها، وإنما خص المصنف- والله أعلم- الكلام بما يضاد. ووصف العفاف لأن ما عداه من الأوصاف وهي الصغر والكبر والرق بفرضية الزوال بخلاف سقوط العفاف بوجود الزنى فإنه لازم، فإنه لا يعود بعده أبداً ولو تاب المقذوف وحسنت حالته، وهو مراد المصنف بقوله:(وَلَوْ كَانَ عَدْلاً) فكان بمعنى صار. ابن عبد السلام: وقوله: (بثُبُوتِ) يقتضي أنه لا يسقط [٧٣٣/أ] إلا بذلك، وهو خلاف ما فسر به العفاف؛ لقوله:(لا يَكُونَ مَعْرُوفاً) فانظره.
يعني: للوارث القيام بحد القذف سواء تقدم القذف على الموت أو تأخر عنه، وهذا مقيد بألا يعفو عنه بعد موته، ولو أوصى بالقيام بذلك يكون للوصي العفو، وإنما لهم القيام والعفو إذا لم يقل شيئاً.