للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ غَرِيمٍ مُمَاطِلٍ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، وَلا مَنْ سَرَقَ لِجُوعٍ أَصَابَهُ

لأنه له شبهة. ومفهوم قوله: (مُمَاطِلٍ) أنه لو لم يكن مماطلاص يقطع، وكذلك يفهم من جنس حقه؛ لو سرق من غير جنسه أنه يقطع وفيه نظر. وقد قدم المصنف في باب الدعوى إذا قدر [٧٣٦/أ] على غيره ثلاثة أقوال، ثالثها إن كان من جنسه جاز. فإن قلت ينبغي قطعه على القول بأنه ليس له ذلك. قيل: يحتمل ذلك ويحتمل أن يقال بعدم القطع مراعاة للخلاف، والله أعلم.

والذي نقله ابن عبد البر عن مالك من رواية ابن القاسم خلاف هذا كله، فقال: وروى ابن القاسم القطع على من سرق من مال غريمه مثل دينه، وخالفه أكثر الفقهاء من أصحاب مالك وغيره، لتجويزهم له أخذ ماله من مال غريمه كيفما أمكنه، وقد روى ذلك ابن وهب وابن دينار عن مالك.

وقوله: (وَلا مَنْ سَرَقَ لِجُوعٍ أَصَابَهُ) أي: جوعاً شديداً يخشى معه التلف؛ لأنه حينئذٍ تجب المواساة فكان مأذوناً له في الأخذ. وروى ابن عمر رضي الله عنه: يقطع عام الزيادة.

وَالْحِرْزُ، مَا لا يُعَدُّ الْوَاضِعُ فِيهِ فِي الْعُرْفِ مُضَيِّعاً لِلْمَالِ

هذا راجع إلى قوله: (مُحْرَزاً). ونسب عدم التضييع لأن التضييع والحفظ أمران سيان لا ينضبطان إلا بالعرف، فقد يكون الشيء محفوظاً في مكان مضيع في غيره، ومحفوظاً بالنسبة إلى شخص دون شخص، وبهذا يندفع إيراد من أورد عليه بعض مسائل الوديعة، كمن أودع دراهم فوضعها في صحن داره فأخذها ولده أو زوجته فإنه يضمن لتضييعها، ولو سرقها سارق من أي موضع كان لقطع. وجواب ما ذكرنا وهو أنه مضيع لها بالنسبة إلى ولده، وممن يدخل عليه بإذن وبغير إذن، وحافظ بالنسبة إلى السارق. فإن قيل: يلزم أن يضمنها إذا أخذها ولده أو خادمه، ولا يضمنها إن سرقها سارق لأنه غير

<<  <  ج: ص:  >  >>