لما فرغ من الركن الأول وهو المسروق شرع في الثاني وهو السارق، وشرط في مؤاخذته التكليف، والمراد به العقل والبلوغ فلهذا يقطع الحر والعبد والذمي والمعاهد لأنهم مكلفون، وما ذكره في المعاهد هو مذهب ابن القاسم، وقال أشهب: لا قطع عليه إن سرق، ولا على من سرق منه وإن سرق ثم جُنَّ لم يقطع حتى يفيق، وكذلك لو طرأ له سكر، وقال اللخمي: لو قطع في سكره لكان له وجه، وليس القطع كالضرب؛ لأن المقصود في الضرب الألم، والطافح لا يجد الألم بخلاف القطع فإنه يقصد به النكال والعظة لغيره وفيه نظر، فإن الألم أيضاً مقصود فيه.
وقوله:(وَإِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ لِمِثْلَهِمْ) يعني: أن العبد يقطع وإن سرق العبد، وكذلك الذمي، وكذلك المعاهد، وفي بعض النسخ:(لمثلهما) فيعود على المعاهد والذمي، وفي بعض النسخ: منهما وهي بمعناها، وأما إن كان قطع السارق من باب دفع الفساد لم يشترط في سرقة بعضهم من بعض المرافعة؛ لأن ذلك إنما يشترط في الأحكام.
وَتَثْبُتُ بالإِقْرَارِ وَبالشِّهَادَةِ
أعاد الباء مع الشهادة ليعيد استقلال كل واحد منهما بالثبوت.