للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالذي يُسْقِي السَّيْكَرَانَ لِذَلِكَ مُحَارِبٌ

أي: لأخذ المال، ونحوه في المدونة.

عياض: وظاهر الموازية إنما يكون حرابة إذا كان ما سقاه يموت منه، ولعله يريد ما نقله اللخمي عنها في رجل أطعم قوماً سويقاً وأخذ متاعهم فمات بعضهم وليط بعضهم فلم يفيقوا إلى الغد، فقال الفاعل: ما أردت قتلهم، إنما أعطانيه رجل وقال: إنه يسكر، فأردت إخدارهم وأخذ أموالهم، لا يقبل قوله ويقتل، ولو قال: ما أردت إخدارهم ولا أخذ أموالهم وإنما هو سويق في شيء فيه، إلا أنه اخذ أموالهم حين ماتوا، فلا شيء عليه إلا الغرم، وفي العتبية نحوه على قصد الإسكار وأخذ المال لا على قصد الموت.

وَالسَّارِقُ فِي اللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ فِي دَارٍ أَوْ زُقَاقٍ مُكَابَرَةً تَمْنَعُ الاسْتِغَاثَةَ مُحَارِبٌ

لأنه لماكابر على وجه يمنع الاستغاثة كان محارباً؛ لأن السرقة أخذ المال خفية، ولو أخذ السارق المال فلما نوزع فيه قاتل حتى خرج به، فنص اللخمي وغيره على أنه سارق؛ لأن قتاله حينئذٍ ليدفع عن نفسه.

اللخمي: وإن علم به قبل أن يأخذ المتاع فقاتل حتى أخذه فهو محارب عند مالك، وليس بمحارب عند عبد الملك، وأما الغاصب فيقتل المغصوب منه بإثر الغصب خشية أن يطلبه، فقال اللخمي: ليست بحرابة وإنما هي غيلة وفي كونها غيلة نظر، فقد قال مالك فيمن لقي رجلاً فسأله طعاماً فأبى وأخذه وعنفه، ونزع منه الطعام وأخذ ثيابه، قال: هذا يشبه المحارب إلا أن حكمه الضرب والنفي، وكذلك الذي توجد معه الدابة فيقر أنه وجد عليها رجلاً فأنزله عنها وأخذها، فإنه يضرب وينفى، وقال في الذي يجد الرجل في الصحراء وعند العتمة فينزع عنه ثيابه: أنه لا يقطع إلا أن يكون لصاً أو محارباً، قال: والذي يلقى الرجل في الليل فيكابره على ثوبه حتى يزيله عنه فإنه لا يقطع أيضاً، قال: وإنما المحارب من حمل على غير ثائرة ولا عداوة فأخاف السبيل وضر بالمسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>