ابن القاسم: وأيسر أن يضربه وينفيه، وإن كان قد أخاف ولم يأخذ مالاً أو أخذ المال ولم يخف، أو جمع أخذ المال والإخافة كان فيه بالخيار بين القتل والقطع ولا يؤخذ بيسره.
وإن كان قد طال زمانه على أمره وأخذ المال إلا أنه لم يقتل فإنه يقتله ولا تخيير له فيه، وروي عن ابن وهب أن الإمام مخير وإن قتل الناس وعظم فساده، وقال عياض: اختلف تأويل الأشياخ على مذهب الكتاب إذا طالت إخافته وعظم شره ولم يقتل، وأكثرهم يرون الإمام يخير فيه فيما شاء لكن يستحبون له النفي، وعليه اختصر أكثرهم، وتأول بعض الأندلسيين أن حكم هذا حكم الذي قتل لابد من قتله، وصحح الأول، وحكى المازري عن مالك خلاف مذهبه وأن العقوبات عنده على الترتيب بحسب اختلاف صفاته، فيقتله لكل حال إذا كان ذا رأي وتدبير، ويقطعه إذا كان ذا بطش، وإن كان على خلاف ذلك عزره وحبسه، فجعل ما استحسن مالك مع إباحة التخيير مستحقاً مرتباً، ولا يقوله مالك ولا أصحابه. انتهى. فانظره مع حكاية اللخمي الخلاف.
وقوله:(الصَّلْبُ ثُمَّ الْقَتْلُ)؛ يعني: لا يكفيه الصلب وحده بل لابد بعده من القتل، ووقع لمالك في بعض المواضع أنه قال: يقتل أو يصلب أو يقطع أو ينفى مثل ظاهر القرآن، وفهم من قول المصنف تقديم الصلب على القتل وعلى هذا فقوله:
إنما أتى به ليبين قول أشهب، على أن أشهب لم يوجب تقديم الصب، ونصه في النوادر: إنما يصلب ثم يقتل، ولو صلبه ثم قتله مصلوباً فذلك له.
اللخمي: ويقتل على الوجه المعتاد والمعروف بالسيف والرمح، ولا يقتل على صفة تعذيب ولابحجارةن ولا يرمى من شيء عالٍ وإن رأى صلْبه صَلَبَه قائماً ولا يصلبه منكوساً، وينبغي أن تطلق يداه؛ لأن فيه بعض الراحة إلى أن يموت فإن لم يطلق فلا بأس.