ابن عبد السلام: ولابد من الممالأة الذي ذكرها عمر رضي الله عنه، وهو أن يكون ممن لم يضرب حضوراً بحيث إذا احتيج إلى إعانته أعان، وبذلك يفهم قول ابن القاسم: ولو كانوا مائة ألف.
(قَبْلَ الظَّفَرِ) أي: قبل أن يقدر عليه لقوله تعالى: {إِِلا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[المائدة: ٣٤]. اختلف في صفة توبته على ثلاثة أقوال حكاها في المقدمات:
الأول: لابن القاسم أن يترك ما هو عليه وإن لم يأتِ الإمام او يأتِ الإمام طائعاً.
الثاني: لابن الماجشون أن يترك ما هو عليه ويحبس في موضعه ويظهر لجيرانه، وأما إن ألقى سلاحه وأتى الإمام طائعاً فإنه يقيم عليه حد الحرابة.
الثالث: أن توبته إنما تكون بالمجيء إلى الإمام، ول وترك ما هو عليه لم يسقط ذلك عنه حكماً من الأحكام ولا يدل فراره على توبته، فإذا فر في القتال فقال ابن القاسم: إن كان قتل أحداً فليتبع، وإن لم يكن قتل أحداً فلا أحب أن يتبع ولا يقتل. وقال سحنون: يتبعون ولو بلغوا برك الغماد، وروي عنه أنه يتبع منهزمهم ويقتلون مقبلين ومدبرين ومنهزمين، وليس هروبهم توبة، وأما التذفيف على جريحهم فإن لم تتحقق هزيمتهم وخيف لحدتهم دفف عليه وإلا فهو أسير يحكم فيه افمام بماي راه، وفي الموازية: قال ابن القاسم: لا يجهز على جريحهم ولم يره سحنون، ولا يسقط حد الحرابة بتأمينه إذا سأل الإمام بخلاف المشرك؛ لأن المشرك يقر إذا امن على حاله وبيده أموال الناس، ولا يجوز تأمين المحارب على ذلك ولا أمان له قاله عبد الملك.