ابن رشد: ومن قال: لرجل يا كلب، إن كانا من ذوي الهيئة عوقب القائل عقوبة خفيفة يهان بها ولا يبلغ به السجن، وإن كانا من غير ذي الهيئة عوقب القائل أشد عقوبة من الأولى يبلغ فيها السجن، وإن كان القائل من ذي الهيئة والمقول له عكسه عوقب بالتوبيخ، ولايبلغ به الإهانة ولا السجن وبالعكس عوقب بالضرب.
وقوله:(وَلا يَنْتَهِي إِلَى الْقَتْلِ) أي: لا يكون الأدب بالقتل، ويحتمل لا ينتهي في الأدب بالضرب إلى ما يخشى منه القتل، وقد قال مطرف: يضربه وإن أتى على النفس، وروي عن مالك في العتبية: أنه أمر بضرب شخص وجد مع صبي في سطح المسجد وقد جرده وضمه إلى صدره أربعمائة سوط، وانتفخ ومات ولم يستعظم ذلك مالك، وقال ابن مسلمة: لا يتجاوز ثمانين، وقد روى القعنبي عن مالك: لا يجاوز خمسة وسبعين سوطاً، وروى أصبغ: أقصاها ما ينتهي إليه جرم الفساد مائتان، وقال مطرف في الواضحة: أقصاها ما يبلغ به الأدب في الجرم ثلاثمائة، لا يزاد السلطان في الأدب على عشرة أسواط ولا المؤدب على ثلاثة، وكذا قال سحنون: لا يزيد المدب أزيد من ثلاثة أسواط فإن اد عليها اقتص منه، واستشكله غير واحد، وحجة أشهب ما في الصحيح عن أبي بردة الأنصاري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لاَ يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ إِلاَّ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ تَعَالَى".
وَيُؤَدِّبُ الأَبُ وَالْمُعَلِّمُ بِإِذْنِهِ الصَّغِيرَ لا الْكَبيرَ
هكذا قال ابن شاس، وظاهر قول مالك في الذي شتمه خاله أو عمه أو جده: لا أرى عليه في ذلك شيئاً إذا كان على وجه الأدب ونحوه تأديب الكبير، وقد طعن أبو بكر