للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلامُ ابن حبيب ظاهرٌ، والإلزام للخمى؛ لأن الصلاةَ فى أحد الثلاثة منفرداً أفضلُ مِن الصلاة فى جماعة غيرها. وقد قال مالك فى قوم أتوا المسجد فوجدوا أهله قد صلوا: فلا بأس أن يَخرجوا منه فيجتمعوا فى غيره، إلا أن يكون المسجد الحرام، أو مسجده عليه الصلاة والسلام، فيُصَلُّوا أفذاذاً، فهو أعظم لأجرهم. وهذا ظاهر؛ لأن صلاتهم جماعة تفضل صلاةَ الفَذِّ بسبع وعشرين درجة، والصلاةُ فى أحد المسجدين بألف. ابن بشير: ولا يلزم هذا. ابن حبيب: لأن الشرع إنما وَرَدَ بإعادة الفذِّ فى جماعةٍ، وهذا نقيضه. وفيه نظر، والله أعلم.

فَإِنْ أُقِيمَتْ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ خَرَجَ، وَلا يَجْلِسُ، وَلا يُصَلِّيهَا وَلا غَيْرَهَا

أى: أقيمت بعد أن صلاها فى جماعة خرج. ولا يجلس لئلا يتوهم الطعن على الإمام، ولا يصليها لئلا يعيد ما صلى فى جماعة، ولا غيرها لئلا يقع فى صلاتين معاً، وقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن ذلك، رواه الترمذى وأبو داود.

وَلا تُجْمَعُ صَلاةٌ فِي مَسْجِدٍ لَهُ إِمَامٌ رَاتِبٌ مَرَّتَيْنِ، وَإِمَامُهُ وَحْدهُ كَالْجَمَاعَةِ إِلا أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ جَمَعَ قَبْلَهُ، وَيَخْرُجُونَ فَيُصَلُّونَ جَمَاعَةً فِي مَوْضِعٍ غَيْرِه إِلا فِي الثَّلاثَةَ الْمَسَاجِدِ فَيُصَلُّونَ أَفْذَاذاً .....

اعلم أن للشرع غرضاً فى تكثير الجماعة، لعل أن يصلى الشخص مع مغفور له فيغفر له، على ما جاء فى الحديث، ولذلك أَمَرَ بالجماعة وحَضَّ عليها، ولذلك قلنا: لا تجمع الصلاة فى مسجدٍ واحدٍ مرتين: لأن الناس إذا علموا بذلك تأهبوا أول مرة خوفاً من فوت فضيلة الجماعة.

ومِن كرمِ الله تعالى أنْ شَرَعَ الجمعة؛ لأنه قد يكون فى تلك الحالة مغفوراً له؛ لأن الجمعة يجتمع فيها أهل البلدة، ثم شرع العيدين؛ لأنه يجتمع فيها من لا تلزمه الجمعة، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>