للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعورضت هذه المسألة بما إذا قال: أنت طالق قبل موتي بشهر؛ فإنه يعجل الطلاق، وقد يجاب بأن الطلاق أضيق؛ لأنه لا يقبل التأجيل والتبعيض، ألا ترى [٧٥٥/ب] أنه لو قال: أحد من نسائي طالق؛ أنه يلزمه طلاق الجميع. المشهور: ولو قال أحد عبيدي حر اختار عتق واحد.

الْمُدَبِّرُ شَرْطُهُ: التَّمْييزُ لا الْبُلُوغُ؛ فَيَنْفُذُ مِنَ الْمُمَيِّزِ وَلا يَنْفُذُ مِنَ السَّفِيهِ

لما فرغ من الصيغة شرع في المدبِّر-بكسر الباء- وشرط فيه التمييز، فيخرج المجنون والصغير الذي لا يميز، والأقرب أن التدبير يلزم السكران كما يلزمه العتق على المشهور، وما ذكره من نفوذه من المميز هو مفهوم كلام ابن شاس.

ابن راشد وابن عبد السلام وغيرهما: وهو كذلك. ففي البيان: أما الصغير فلا خلاف أنه لا يجوز طلاقه ولا عتقه ولا شيء من أفعاله. وفي النوادر: أن تدبير من لم يبلغ الحلم لا يجوز بخلاف وصيته. والفرق بين التدبير والوصية: أن الوصية إنما تخرج بعد موته وله الرجوع، والتدبير ليس له الرجوع فيه.

وقوله: (لا يَنْفُذُ مِنَ السَّفِيهِ) يريد المولى عليه، وسواء كنا ماله واسعاً أم لا. وقال ابن كنانة: إن لم يكن له غير العبد الي دبر لم يجز تدبيره، وإن كان ماله واسعاً لا يجحف العبد به- فإن ذلك له- جاز، وإن دبر عبداً من وَجْهِ رقيقه، أو لكثرتهم ثمناً، أو جارية مرتفعة هي جُلُّ ماله؛ فلا يجوز.

ابن رشد: وهو استحسان. ابن عبد السلام: ولا ينفذ من السفيه هو قول أشهب، وقال ابن القاسم: له أن يدبر في المرض، فإن صح بطل. وقال ابن كنانة: يجوز تدبيره ولا يقع إلا بعد موت، وإنما يمنع من ماله في حياته. انتهى. فانظر نقله مع نقل ابن رشد. أما السفيه غير المولى عليه؛ فالمشهور عن ابن القاسم أن أفعاله جائزة، والمشهرو عن مالك أن أفعاله مردودة.

<<  <  ج: ص:  >  >>