للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأن الدين إذا كان عيناً إنما يباع بالعرض، وإن كان الدين حالاًّ على قريب الغيبة؛ فلايباع واستؤني العِتْقُ قبضَ ذلك الدينِ ممن هو عليه ويعتق فيه المدبر، وقرب الحلول كالحال، هكذا أشار إليه صاحب البيان.

قوله: (وَإِلا) أي: وإن لم يكن على حاضر موسر، بل على غائب ولو كان مليًّا أو على معسر، ولو كان حاضراً بيع المدبر للغرماء، أو بيع منه ما جاوز الثلث، وإن حضر الغائب بعد بيعه أو أيسر المعدم؛ فقولان أوجههما في المدونة، هكذا ذكر المصنف، وإنما ظاهرهما على ما قاله اللخمي- نعم هو مذهب عيسى وأصبغ-: يعتق منه حيث كان، سواء كان في يد وارث أو مشتر.

الشيخ أبو محمد: وهذا المعروف عن مالك وأصحابه، والثاني لابن القاسم في العتبية، والنفس إليه أميل، وليس كمالٍ طرأ للورثة ولم يتقدم علمهم به؛ لأن هذا قد علموا بهن وأبطل الشرع حق المدبر منه، ثم إن ابن القاسم إنام أبطل حق المدبر في هذا القول إذا أخرج عن يد الورثة ببيع، أو هبة، أو صدقة، أو وجه من الوجوه. قال: وأما إن كان بيد الورثة؛ فإنه يعتق في ثلثه ما اقتضى، وعلى هذا فالاتفاق على أنه يعتق منه إن كان المدبر بيد الورثة، وإنما اختلف إذا لم يكن بأيديهم، وهكذا أشار إليه اللخمي.

وَلا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ، وَلا هِبَتُهُ، وَلا الرُّجُوعُ عَنْهُ، وَلا إِخْرَاجُهُ عَنْ مِلْكِهِ إِلا بالْحُرِّيَّةِ

منع بيعه هو المشهور، ونقل في الموطأ: أنه الأمر المجمع عليه عندهم.

ابن عبد البر: كان بعض أصحابنا يفتي ببيعه إذا تخلق على مولاه وأحدث إحداثاً قبيحاً، وذهب الشافعي وجماعة إلى جواز بيعه؛ لما في الصحيحين: بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً من أصحابه أعتق غلاماً عن دبر لم يكن له مال غيره، فباعه بثمانمائة درهم ثم أرسل ثمنه إليه. والجواب أنه قد روى النسائي في بعض طرقه أن الرجل كان عليه دين،

<<  <  ج: ص:  >  >>