للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (لأَنَّهَا لَيْسَتْ كَالْبَيْعِ وَلا كَالدَّيْنِ) تعليل للجواز، فإن قيل: البيع أعم من الدين، ونفي الأعم يستلزم نفي الأخص، فلا حاجة إلى ني الدين. قيل: البيع ليس أعم مطلقاً؛ لأن الدين قد يكون من قرض. قوله: (وَلِذَلِكَ لا يُحَاصُّ) أي: ولأجل أنها ليست كالدين لا يحاص بالغرماء في الموت والفلس.

وَإِذَا عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ رُقَّ وَيَتَلَوَّمُ الْحَاكِمُ لِمَنْ يَرْجُوهُ

يعني: وإذا عجز المكاتب عن شيء من العوض رجع إلى ما كان عليه قبل الكتابة، فلو كان مدبراً ثم كاتبه وعجز رجع مدبراً، وقد يقال: هذا كاتبه وعجز رجع مدبراً، وقد يقال: هذا تكرار مع قوله أولاً: ولا يعتق منه شيء إلا بالجميع. ويجاب عنه بأن المتقدم فيما يخرج به المكاتب من الكتابة إلى الحرية لا، أي: لا يخرج من حال الكتابة إلى الحرية إلا بأداء الجميع، وكلامه هنا فيما ينتقل بسببه من حال الكتابة إلى الحال التي كان عليها قبل الكتابة.

قوله: (وَيَتَلَوَّمُ الْحَاكِمُ لِمَنْ يَرْجُوهُ) ظاهره أنه لا يعجزه إلا الحاكم، سواء اختلفا في التعجيز أو اتفقا فيه، وأما إن اختلفا فطلبه السيد للتعجيز وامتنع العبد أو بالعكس فلابد من الحاكم، وأما إن اتفقا عليه، فالمشهور وهو قول مالك في المدونة: إن كان له مال ظاهر لم يكن له ذلك، وإن لم يكن له مال ظاهر فذلك له، وروي عنه أن ذلك له وإن كان عنده مال ظاهر. وقال سحنون: ليس له ذلك، وإن لم يكن له مال ظاهر إلا عند السلطان. وقال محمد: إن كان صانعاً ولا مال له كان له أن يعجز [٧٥٩/أ] نفسه. ابن يونس: والأول أصوبها. المتيطي: وبه الحكم وعليه العمل. وإذا فرعنا عليه فلو أعجز نفسه لعدم ظهور المال، ثم ظهر له مال أخفاه أو طرأ له؛ ففي المدونة: هو رقيق ولا يرجع عما رضي به أولاً. وإذا فرعنا على المنع من التعجيز، فلو رضي بذلك ولم ينظر فيه حتى فاتت بالبيع أو بإعتاق المشتري، فقيل: البيع فوت. وقيل: ليس يفوت إلا أن يفوت بعتق. وقد قيل: يرد ولو أعتق.

<<  <  ج: ص:  >  >>