الشيوخ على ما إذا لم ترض بذلك، وأما لو رضيت فتجوز الإجارة، ثم استثنى من ذلك الاستمتاع منها وما قرب من الخدمة، وهو قريب مما لعبد الوهاب في المعونة، فإنه قال: وله استخدامها فيما قرب ولا يشق، لكنه مخالف لما في الموازية عن ابن القاسم من التفصيل بين الرفيعة والدنية؛ لأنه قال: ليس له أن يعنت أم الولد في الخدمة، وإن كانت دنية وتبتذل في الحوائج الخفيفة ما لا تبتذل في الرفيعة. وقال الباجي: للسيد استخدام المدبرة دون أم الولد على المشهور من قول مالك، وظاهره أن مقابل المشهور له فيها الخدم ةالكثيرة، والأظهر عنده أن له فيها الخدمة؛ أي: الكثيرة، لأنها فيه على حكم الملك، وإنما منع من تملكها غيره، وقياساً على استخدام أم ولده؛ لأن حرمتهما واحدة، إذ كل ذات رحم فولدها بمنزلتها.
(فَسخَ) أي: البيع والعتق وعادت أم الولد، وإذا فسخ العتق فأحرى الكتابة والتدبير، وكذلك أيضاً لا يفيتها إياه المشتري عالماً أنها أم ولد للبائع غرم قيمة الولد، اختلف إذا غره وكتمه أنها أم ولد، فقال ابن الماجشون: عليه قيمة الولد. وقال مطرف: لا شيء عليه لأنه أباحه إياها. اللخمي: وهو أحسن.
قوله:(وَمُصيبَتُهَا مِنَ الْبَائِعِ) يعني: أن هذا مخالف للبيع الفاسد؛ لأن الملك لا ينتقل هنا، وإذا فسخ البيع؛ ظاهر المذهب لا شيء على البائع مما أنفقه المشتري عليها ولا من قيمة خدمتها. وقال سحنون: يرجع بالنفقة، يريد ويرجع هو بالخدمة، قاله اللخمي، قال: وإذا انقضى البيع تحفظ من البائع لئلا يعود إلى بيعها ولا يؤمن من السفر بها، وإن خيف عليها ولم يمكن التحفظ منه عتقت عليه قياساً على قول مالك في المبسوط في الذي يبيع زوجته أنه لا يكون بيعها طلاق، قال: وتطلق عليه إذا خيف أن يعود، وإن غاب المشتري ولم يعلم مكانه تصدق بالثمن. انتهى.