لما كانت الوصية على ضربين؛ مقيدة ومطلقة، وقدم الكلام على المقيدة، تكلم على المطلقة؛ يعني: وإذا أطلق الوصية فقال: متى حدث بي الموت، أو إن مت، أو إذا مت، أو متى ما مت - فإنها ماضية. وظاهره سواء كتبها في كتاب أم لا، استرجعها أم لا. أما إن لم يكتبها فقال غير واحد: إنها نافذة أبداً لا ينقضها إلا بتغييرها، قالها في صحته أو في مرضه. وإن كانت في كتاب وأشهد فيه فهي ماضية بالاتفاق، سواء أقرها عنده إلى الموت أو جعلها على يد غيره حتى مات. وأما إن قبضها من يد من جعلها على يده- سواء قبضها في الصحة أو المرض- فحكى صاحب المقدمات الاتفاق على بطلانها.
وذكر عياض أن ابن شبلون وغيره تأول الكتاب على ذلك، وأن ظاهر تأويل أبي محمد أنه إنما يضر استرجاع المقيدة لا المبهمة، وأنا أبا عمران تردد في ذلك، فيكون كلام المصنف باقياً على إطلاقه على تأويل أبي محمد، ويقيد بما إذا لم يسترجعها على قول ابن شبلون.