للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَنْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ بثُلُثِ مَالِهِ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِنْ كَانَ يَحْمِلُ رَقَبَتَهُ عَتَقَ كُلَّهُ وَأَخَذ الْبَاقِي، وَإِلا قُوِّمَ بَقِيَّتُهُ فِي مَالِهِ، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ؛ لا يُقَوَّمُ فِي مَالِهِ، وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: يَعْتِقُ ثُلُثَهُ فِيهِمَا وَيَاخُذُ الْبَاقِيَ ...

يعني: وإن أوصى لعبده بجزء من ماله- وذكر الثلث على جهة المثال- فاتفق أولاً على أنه يعتق ثلثه؛ لكونه ملكه من نفسه، ثم اختلف:

فقال المغيرة: لا يزاد على الثلث فيهما؛ أي: في الصورتين، وهما: إذا حمل ثلث المال بقيته أو لم يحمله، وهو ظاهر. ووجهه: أنه لما ملك ثلثه عتق عليه جبراً، فلذلك لم يكمل في ماله، كما لو ورث بعض رقبته، ول يكمل في مال الميت، إذ لا تكميل على ميت وقوله: (وَيَاخُذُ الْبَاقِي) أي: باقي الثلث.

وقال ابن القاسم وابن وهب: بل يكمل العتق، ثم اختلفا فيما يكمل به، ولنذكر مثالاً ليتضح لك ما قالاه؛ فإذا كان العبد يساوي مائة وله مال مائة أيضاً وخلف السيد مائة فاتفق ابن القاسم وابن وهب على أنه يعتق منه الثلثان، ثم اختلفا:

فابن القاسم يعتقه كله؛ لأنه يُقَوِّمُهُ في ماله. وابن وهب لايقول بذلك، فلا يعتق منه إلا الثلثان. وعلى قول المغيرة يعتق ثلثه فقط، ويأخذ من ماله ستة وستين وثلثينز

وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْمَسْجِدِ وَالْقَنْطَرَةِ وَشِبْهِهِمَا؛ لأَنَّهُ بمَعْنَى الصَّرْفِ فِي مَصَالِحِهِمَا

لَمَّا قَدَّمَ أن الموصى له من يصح تملكه، وكانت القنطرة وشبهها لا يصح تملكها، أشار إلى الاعتذار عنها فقال إن الوصية لها ليست على معنى التملك، وإنما هي على معنى الصرف [٥٧٠/أ] في مصالحها فاللام الداخلة على (الْمَسْجِدِ) هي التي يقول الفقهاء: إنها لبيان المصرف وليست لام الملك، والمال الموصى به لم يزل على ملك ربه.

<<  <  ج: ص:  >  >>