هذه عكس التي قبلها؛ لأنه في الأولى قدم الوارث، وفي هذه قدم المساكين، فلهذا قال المدنيون بإجازةهذه، وهو المشهور. وتخصيص المدنيين به ليس بظاهر، بل قال به كبراء المصريين؛ ابن القاسم وابن وهب وأصبغ استحساناً. قال: وفيه مغمز، والقياس البطلان.
وذكر أبو الحسن ي هذه المسألة والتي قبلها ثلاثة أقوال:
الإجازة فيهما، سواء بدأ بالوارث أو بغيره. وهو قول ابن عبد الحكم.
والثاني-مقابله- لأشهب؛ لأن ذلك تحيلعلى الإيصاء للوارث فيهما.
والثالث لابن القاسم: لا تجوز إن بدأ بالوارث، وتجوز في العكس.
أي: إذا أوصى الوارث بأكثر من الثلث فأجاز الورثة فلهم ثلاثة أحوال:
الأول: أن تكون في الصحة من غير سبب، وهو الذي بدأ به المصنف وذكر أن إجازتهم غير لازمة؛ لأنه كمن أعطى شيئاً قبل ملكه أو جريان سبب ملكه. هذكا أشار إليه مالك في الموطأ.
وروي عن مالك أن ذلك لازم، ومثله في الموازية فيمن قال: ما أرث من فلان صدقة عليك، وفلان صحيح، قال: يلزمه ذلك، إذا كان في غير هزل.
اللخمي: والأول أشهر، وهذا أقيس؛ لأنه التزم ذلك بشرط حصول الملك فأِبه من أوجب الصدقة بما يملك إلى أجل وفي بلد سماه أن يعتق ذلك، أو بطلاق ما يتزوج فيه.
قال ابن الحاج: انظر على ما في الموطأ: لو أوصى رجل لرجل بمال فلم يقبل ذلك الموصى له في صحة الموصي ورده، ثم مات الموصي ورجع الموصى له إلى قبول المال فذلك له؛ لأنه لم تجب له الوصية إلا بعد موت الموصي.