وصحح الأكثرون كلام سحنون؛ لأنه عدل حافظ فيقدم، ولأن المغيرة خالف في ذلك نصاً وأوجب أن يُستَاجَر من قيمة العبد من يخدم الموصى له إلى تلك المدة، إن كان في القيمة وفاء بذلك، حتى أجرى بعضهم من هذا الخلاف خلافاً فيمن أعار رجلاً ثوباً مدة فاستهلكه أجنبي قبل الأجل، وهو مما ينقصه اللبس. وخرج الخلاف إذا استهلكه ربه من الخلاف إذا أخدم السيد أمته رجلاً ثم وطئها سيدها فحملت. وهي في آخر كتاب أمهات الأولاد من المدونة.
يعني: فإن جنى العبد الموصى بخدمته على غيره خير وارث الموصي بين أن يفديه أو يسلمه.
فإن فداه بأرش الجناية استمر على خدمة الموصى له إلى انقضاء الأجل، وإن أسلموه في الجناية بطل حق الموصى له في الخدمة. هذا ظاهر كلام المصنف وابن شاس، وهو خلاف النقل؛ لأنه لا يبطل حق الموصى له بمجرد إسلام الورثة، ب ل يخير الموصى له بعد ذلك في فدائه أو إسلامه.
وما ذكرناه من البداية بتخيير الورثة هو الذي رجع إليه مالك، وكأن أولاً يقول: يبتدأ بتخيير المخدم؛ إذ لا تخيير لصاحب الرقبة إلا بتمامها، فإن فداه خدمة بقية الأجل ثم لا يكون لصاحب الرقبة إليه سبيل حتى يعطيه ماافتكه به، وإلا كان للذي فداه رقاً.
وإن أسلمه المخدم سقط حقه، وقيل لصاحب الرقبة: أسلمه أو أفتكه! فإن أٍلمه استرقه المجني عليه.
وإن فداه صار له وبطلت الخدمة، واختاره سحنون. واختار أشهب قولاً ثالثاً؛ وهو أن يكون فيه كالشريكين؛ يقوم ربع رقبته، فإن قيل: عشرة دنانير قومت خدمته أيضاً، فإن كانت أيضاً عشرة دنانير صار حقهما فيه سواء النصف والنصف.