فإن قلت: في حكاية الثاني والثالث نظر؛ لأن نص الرواية في العتبية: وكره مالك الوصية لليهود والنصارى، ثم ذكرقول ابن القاسم، وهذا يمكن حمله على الوصية لهما بالمال لا بالنظر، وقد فهمها ابن رشد على ذلك، قيل: هو معارض بفهم غيره، فإن الذي فَهِمَ منها ابن أبي زيد وابنيونس هو ما ذكره ابن شاس والمصنف.
هذا هو الذي احترز عنه بالعدالة، ونبه بقوله:(وَلَوْ طَرَأَ الْفِسْقُ عُزِلَ) على أن هذا الشرط تعتبر استدامته كابتدائه؛ لأن بعض الشروط يُشْتَرَطُ ابتداءً لا دواماً. وما ذكره من العزل بطروء الفسق هو المشهور.
وقال المخزومي: لا يعزل، ولكن يجعل معه وصي آخر عدل. وهذا الذي ذكره المصنف خاص بالوصي على أموال اليتامى، أو على اقتضاء دين أو قضائه؛ خيفة أن يدعي غير العدل الضياع. وأما فيما يختص بالميت كالوصية بالثلث أو بالعتق فتجوز إلى غير العدل.
ابن المواز: عن ابن القاسم وأشهب: ومن أوصى إلى محدود في قذف فذلك جائز إذا كانت منه فلتة، وكان ممن ترضي حالته، وإن لم يتزيد حسن حال إذا كان يوم قذهف غير مسخوط.
وأما من حُدَّ في زنى أو سرقة أوخمر- فلا يقع في مثل هذا من له ورع- فلا تجوز الوصية إليه إلا أن تحدث له توبة، أو تورع يعرف فضله فيه فتجوز الوصية إليه.
مالك في الموازية: وإن كانت الوصية بعتق او بشيء في السبيل ولم يكن وارثاً- لم يكشف عن شيء إلا عما يبقى للورثة منفعته، مثل: العتق؛ لهم الولاء، إلا أن يكون الوصي سفيهاً سارافاً فيكشف عن ذلك كله، فرب وصي لا ينفذ من الوصية شيئاً، وهذا صحيح؛ لأن الميت وإن أوصى لغير عدل، فلم يُرِدْ إلا إنفاذ الوصية فلا يمنع الورثة من الاطلاع على ذلك؛ حتى يعلموا أنه أنفذها.
مالك: وإن كان الوصي وارثاً فلباقي الورثة أن ينظروا في ذلك، ويكشف عنه الوصي.