لأنها التي ظهر تأثير الجمع فيها لتقديمها على وقتها، أَوْ لا يشترط فيها، إذ السنةُ الجمعُ، والجمعُ لا يُعقل إلا بين اثنين. انتهى.
تنبيه:
ضبطَ بعضُهم هذه المسائل فقال: كلُّ موضع تُشترط فيه الجماعة فإنه يجب على الإمام فيه نيةُ الإمامة. وليس بصحيحٍ؛ فإن مسألة الاستخلاف لا تشترط فيها الجماعة، ولو أتموا أفذاذاً صحت الصلاة، وكذلك صلاة الخوف لو صلى كلٌّ لنفسِه صحتْ. وزاد ابن بشير مسألة أخرى، وهي صلاة الجنازة، فأوجب فيها على الإمام نيةَ؟ الإمامة بناء على اشتراط الحماعة فيها، وفيه نظر؛ فإنه نص في المدونة على أنه لو لم يكن إلا نساء صلين أفذاذاً. وصرح في الجواهر بأن الجماعة غير مشرطة فيها.
(لا يَنْتَقِلُ مُنْفَرِدٌ) لأن نية الاقتداء فات محلُّها، وهو أول الصلاة، (ولا بِالْعَكْسِ) لأن المأموم قد أَلْزَمَ؛ نفسَه نيةَ الاقتداء.
واختُلف في مريضٍ اقتدى بمثله فصَحَّ المأمومُ، فقال سحنون: يَخرج مِن صلاة الإمام ويُتِمُّ لنفسه؛ إِذْ لا يجوز لقائمِ، أن يأتمَّ بقاعدٍ، وهو قد دخل معه أوَّلاً بوجهٍ جائزٍ فلا يقطعها قياساً على الإمام يَصيرُ مأموماً لعذرٍ، وعلى المأمومِ يُتِمُّ منفرداً إذا لم يستخلف الإمام وأَتَمُّوا أفذاذا. وقال يحى بن عمر: يتمادى معه. يُرِيدُ لأنه دخل معه أوّلاً بوجهٍ جائزٍ فتمادَى مراعاةً لمن أجاز ذلك ابتداءً.
الثَّانِي: أَلا يَاتَمَّ فِي فَرْضٍ بِمُتَنَفَّلٍ
يُريد خلافَ العكسِ، فإنه جائزٌ، والدليلُ على امتناعِ صلاةِ المفترضِ خلفَ المُتنفل ما خَرَّجَه البخاريُّ ومسلم، مِن قوله عليه الصلاة والسلام:(إنما جُعل الإمامُ ليُؤْتَمَّ به فلا تختلفوا عليه). فَعَمَّ الخلافَ في النيةِ والفعلِ.