من حروف التكبير لم يصح، وإنْ سبقَه بحرفٍ صحت. وكلامه في البيان يقتضي أن هذا ليس بخلافٍ؛ لأنه قال؛ مذهب ابن القاسم إنْ أَحْرَمَ معه أجزأه، وهو قول ابن عبد الحكم، وقال محمد وأصبغ وهو قول مالك في كتاب ابن حبيب: لا يجزئه. وهو أظهر؛ لقوله عليه الصلاة والسلام "إنما جُعل الإمامُ ليُؤْتَمَّ به، فإذا كَبَّرَ فكَبِّرُوا) فأَتي بالفاءِ المقتضيةِ للتعقيب، وهذا الاختلاف إنما هو إذا ابتدأ بتكبيرة الإحرام معه، فأتمها معه أَوْ بعدَه، وأما إذا ابتدأها قَبْلَه فلا تحزئه وإِنْ أتمها بعده قَوْلاً واحداً، وإِنِ ابتدأها بعده فأتمها معه أوبعده أجزأه قولاً واحداً، والاختيارُ أَلا يُحْرِمَ المأمومُ إلا بعد أن يَسكتَ الإمامُ قَبْلَه، قاله مالك، قادت وحكم السلام في ذلك حكم الإحرام. وسئل سحنون عن رجلين ائتم أحدُهما بالآخر ثم نسيا قبل الإكمال مَنِ الإمامُ منهما؟ فقال: إِنْ سَبَقَ أحدُهما بالسلام أَعاد الصلاةَ، وإِنْ سَلَّما معا جَرَتْ على اختلافِ أصحابِنا في المساواةِ في الإحرامِ والسلامِ.
هكذا وقع في بعض النسخ، وهي صحيحة باعتبار أن مسابقة الإمام غير جائزة، وأما مساواته فمكروهةٌ، هكذا صرح الباجي بالتفصيل، وكذلك صرَّح المازريُّ وغيرُه بمنع المسابقة، ويدل عليه ما في الصحيحين: "أَوَ مَا يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام". الحديث، وروي عن مالكٍ جوازُ المساواة إلا في قيام الجلوس مِن اثنتين. و (والأَوَّلَيْنِ) أي: الإحرام والسلام.
ووقع في بعض النُّسخ عِوَضَ قوله:(وتَجِبُ): وتستحب. وفي كل من النسختين نظر؛ أما الأولى فلأنها تُفْهِمُ منعَ المساواة، وأما الثانية فلأنه يُفْهَمُ مِنْهُ كراهيةُ المسابقة.
والأَوْلَى نسخة: تستحب. ويكون احترز بذلك عن المساواة، فإنهما مكروهة، ولا يكون في كلامه تعرض للمسابقة.