للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (وَأُنْكِرَ) أي: أُنْكِرَ قولُ الباجي لوجهين: أحدُهما: لو كانت تلك الآنيةُ جائزةَ الاتخاذِ لَلَزِمَ أنه إذا كسرها شخصٌ أن يَغرم قيمةَ صياغتِها.

الثاني: يلزمُ جوازُ إعطاءِ الأجرةِ لِتُصَاغَ، إِذْ هو على شيءٍ جائزٍ، ولا يجوز ذلك.

وهذا تقديرُ كلامِه، وفيه نَظَرٌ؛ لأن كلامَه يقتضي الاتفاقَ عليهما، وليس كذلك.

قال ابن شاس بعد أن حكى عن الباجي جوازَ الاقتناء: قال ابن سابق: هذا غير صحيح؛ لأن ملكَها يَجوز إجماعاً بخلافِ اتخاذِها. قال: وإنما تُتصور فائدةُ الخلافِ بأنَّا لا نُجيز الاستئجارَ، ولا نُوجب الضمانَ على مَن أَفسدها؛ إِذْ لم يُتْلِفْ مِن عَينِها شيئاً، والمخالفُ يُجيز الاستئجارَ، ويُوجب الضمانَ. انتهى.

فأنت تَرى كيف حَكى الخلافَ فيما ظاهرُ كلامِ المصنف فيه أنه مُتفقٌ عليه، وإنما أنكرَ ابنُ سابق قولَ الباجي للإجماع فقط.

وقول المصنف: (وَصَحَّ بَيْعُهَا) فهو جوابٌ عن سؤالٍ مُقَدَّرٍ، كأنَّ قائلاً قال: وإذا كانت الصياغةُ ممنوعةً فكيف أَجَزْتُمُ البيعَ؟ فأجاب بأنَّا إنما أجَزْنا البيعَ، لأنَّ الصياغةَ وعينَها تُمْلَكُ إجماعاً، على أنه لا يَلزم مِن مِلْكِ العَيْنِ جوازُ البيعِ باتفاقٍ، فإن ابن عبد السلام قال: ذكروا في جوازِ بيع ثياب الحرير التي يلبسها الرجالُ خلافاً.

وَمِنَ الْجَوَاهِرِ قَوْلانِ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لِعَيْنِهِمَا أَوْ لِلسَّرَفِ. وَلَوْ غُشِّيَ الذَّهَبُ برَصَاصٍ أَوْ مُوِّهَ الرَّصَاصُ بذَهَبٍ فَقَوْلانِ. وَالْمُضَبَّبُ وَذُو الْحَلْقَةِ كَالْمِرْآةِ مَمْنُوعٌ عَلَى الأَصَحِّ. قَالَ مَالِكٌّ: لا يُعْجِبُنِي أَنْ يُشْرَبَ فِيهِ، وَلا أَنْ يُنْظَرَ فِيهَا ....

أي: وفي جواز أتخاذ الأواني من الجواهر كالزمرد والياقوت قولان للمتأخرين، مبنيان على الخلاف في علةِ منعِ الذهبِ والفضةِ، فمَن رآها للسَّرَفِ مَنَعَ مِن بابِ أَوْلَى،

<<  <  ج: ص:  >  >>