سترة لمن خلفه جاز المرور بين يدي الإمام والصف الذي يليه، كما أجاز ذلك مالك في الثالث والرابع، وإن قلنا أن الإمام سترة لهم لم يجز.
وفي المدونة: ولا بأس بالمرور بين الصفوف عرضاً، والإمام سترة لهم. واستشكلت هذه العلة بأنه إذا كان الإمام سترة لهم فكيف يمر هذا بينهم وبين سترتهم؟ والصواب ما قاله ابن الجلاب وعبد الوهاب أن سترة الإمام سترة لمن خلفه. وتأول أبو إبراهيم في حواشيه قوله في المدونة: لأن الإمام سترة لهم. على حذف مضاف؛ أي: لأن سترة الإمام سترة لهم. وجعل المدونة والجلاب متفقين. قال: وظاهر الكتاب أنه لا يمر بين الصف والإمام. انتهى.
ومن ثمرة هذا الخلاف أيضاً: لو صلى الإمام لغير سترة فعلى القول بأن سترة الإمام سترة لمن خلفه يستوي الإمام والمأمومون. وعلى القول الآخر تكون صلاة المأمومين أكمل؛ لأن الإمام لهم سترة، كما قالوا: إذا ترك الإمام السجود يسجد المأموم وتكون صلاتهم أكمل.
وقوله:(وَلَوْ مِثْلَ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ) لما في مسلم: عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سُئل في غزوة تبوك عن سترة المصلي، فقال:"مثل مؤخرة الرحل".
وللسترة خمسة شروط: أن تكون طاهرة، ثابتة، في غلظ الرمح، وطول الذراع، مما لا يشغل، فاحترزنا بالطهارة من الأشياء الخبيثة فلا يستتر بها كقصبة المرحاض ونحوها، وبالثابت مما لا يثبت فلا يستتر بمجنون مطبق ولا صغير لا يثبت. قاله ابن القاسم. واشترطنا أن تكون في غلظ الرمح لحديث الحربة المتقدم. ولهذا قال مالك في المدونة: السوط ليس بسترة. قال ابن حبيب: لا بأس أن تكون السترة دون مؤخرة الرحل في الطول، ودون الرمح في الغلظ، وإنما يكره ما كان رقيقاً جدّاً، وقد كانت العَنَزَة التي كانت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم دون الرمح في الغلظ. قال: ولا يكون السوط سترة