وطريقة اللخمي تدل على أن الْمَشْهُورِ هو التفصيل، وقد صرح بذلك غيرُ واحد، وذكر في البيان أن الْمَشْهُورِ في المذهب قولُ ابن القاسم وروايته عن مالك: أنَّ رَفْعَ النجاسةِ من الثياب والأبدان سنةٌ لا فريضةٌ، فمَن صَلَّى بثوبٍ نجسٍ- على مذهبهم- ناسياً أو جاهلاً بنجاسته، أو مضطراً إلى الصلاة فيه- أعاد الصلاة في الوقت. انتهى.
وذَكر المازري طريقةً رابعة، فإنه ذَكر بعدما ذَكر- كلامَ القاضي عبد الوهاب- أن إزالةَ النجاسة فرضٌ: اضطرب الحُذَّاقُ مِن أهل المذهب في العبارة عن ذلك، فالجاري على ألسنتهم- في المذكرات والإطلاقات- أن المذهب على قولين: أحدُهما: أن غسل النجاسة فرض، والآخرُ سنةٌ إطلاقاً لهذا القول من غير تقييد.
ومن أشياخي مَن يقول: المذهبُ على ثلاثةِ أقوالٍ. فأشار إلى ما ذَكره اللخمي، ثم قال: ومِن عجيب ما في هذه المسألة أن القاضي أبا محمد حكَى الاتفاقَ على تأثيمِ مَن تَعَمَّدَ الصلاةَ بها، والاتفاقُ على التأثيمِ يَقتضي الاتفاقَ على الوجوبِ، إذ الإثمُ مِن خصائصِ الوجوبِ. قال: وسألتُ بعضَ أشياخي عن هذا فتوقف عن الجواب، وسألت غيرهَ فقال لي: هو محمولٌ على اختلاف طريقة. انتهى.
وقوله:(وَقَالَ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ: إِلَى الاصْفِرَارِ) هو الْمَشْهُورِ، وروي أن وقتَهما إلى الغروب، وقال ابن حبيب وابن وهب، وقيل إلى الغروب في حق المضطر، وإلى الاصفرار فيما سواه.
وعلى الْمَشْهُورِ فيُعيد- في المغرب والعشاء- الليلَ كلَّه، نص على ذلك في المدونة؛ إذِ الإعادةُ كالنَّفْلِ، ولا تُكره النافلة بعد نصف الليل، وعلى هذا فيكون للظهر ثلاثةُ أوقات: اختيارٌ إلى آخِرِ القامَةِ، واستدراكُ فضيلةٍ- كمسألتنا- إلى الاصفرار، وضرورةٌ إلى الغروب.