وعر فيها قَصَر، وإن كان لغير عذر فلا يقصر. وكذلك إذا سافر في غير طريق الناس، فكان في سفره أربعة بُرُد، وطريق الناس ليس فيها ذلك. وهذا مبني على أن اللاهي بصيده وشبهه لا يقصر. وأما على القول بأنه يقصر فلا شك في تقصير هذا، والله أعلم، وهنا انتهى كلام المصنف على ما يتعلق بقوله:(سفر طويل).
هذا راجع إلى قوله:(بشرط العزم من أوله على قدره)، فلهذا لا يقصر طالب الآبق ونحوه؛ لأنه لا يعزم على المسافة في أوله، بل لو وجده بعد بريد رجع.
قوله:(إِلا أَنْ يَعْلَمَ قَطْعَ الْمَسَافَةِ دُونَهُ) بل وإليه أشار ابن يونس. واختلف أصحابنا المتأخرون إذا كان لما بلغ هذا الذي خرج في طلب الآبق على رأس أربعة بُرُد فأراد الرجوع فقيل له: إن حاجتك في موضع كذا على بريدين من بين يديك، أو عن يمينك، أو عن شمالك. فقال: أنا أبلغ ذلك الموضع، ثم أتمادى منه إلى داري على كل حال وجدته أم لا. فذهب بعض أصحابنا أنه لا يقصر حتى يرجع من الموضع الذي ذكر له أن العبد فيه؛ لأنه لا يضاف مسير إلى رجوع. وظهر لي ولغيري من أصحابنا أنه يقصر؛ لأنه قد نوى الرجوع [٨٤/ ب] انتهى.
وفسر ابن عبد السلام وابن هارون الهائم بالتائه عن طريق القصد إذا لم يكن يبعد عن مبدأ سفره في طريق القصد المسافة المذكورة. واعترض ابن هارون عليه بأن إطلاقه المنع لا يصح؛ إذ لو تاه بعد مسافة القصر وكان منتهى بعد لقصر. وفسره ابن راشد وشيخنا بالذي لا يعزم على مسافة معلومة. قال شيخنا: كالفقراء المجردين، فإنهم يخرجون على غير موضع معلوم، وحيث طابت لهم بلدة أقاموا بها. وتفسير شيخنا أولى.