لوجب أن يقصر كما في بئر عميرة. وقد كان بعض الشيوخ يفرق بينهما بأن الأمير لما كان لا يمكنه السفر إلا مع حشمه- وقد لا يجمع- وجب أن يتم، بخلاف الخارج إلى بئر عميرة. قال: ومنهم من حمل ذلك على التعارض ويقول: الأمير أحق بالقصر؛ لأنه قادر على أن يجبر حشمه.
هذا راجع إلى قوله أولاً:(الشُّرُوعِ) لأن الأصل الإتمام والقاعدة أن النية لا تخرج عن الأصل إلا إذا قارنها الفعل. وقسم المصنف المحل المنفصل عنه؛ فإن كان بلداً فقولان: المشهور اشتراط مجاوزة بناء خارج البلد وبساتينه التي في حكمه التي لا تنقطع عمارتها، ولا اعتبار بالمزارع. وروى مطرف وابن الماجشون عن مالك أنه إن كان من المدن التي يُجمَع فيها فمبدؤه إذا جاوز بيوت القرية بثلاثة أميال، وإن خرج من قرية لا يُجمَع فيها فكالأول. هكذا نقل الباجي والمازري هذا القول، وفي نقل المصنف له نقص وإيهام أنهما قالا بذلك ولم يروياه، وهو ظاهر لأن حقيقة السفر في هذا الباب وفي باب الجمعة واحدة، فكما أن الجمعة لا تسقط عمن دون ثلاثة أميال؛ لأنه في معنى الحاضر، كذلك لا يقصر حتى يجاوزها، وحمل الباجي وغيره رواية ابن الماجشون على الخلاف. وصرح الباجي بمشهورية الأول وهو ظاهر كلام اللخمي وغيره، وحملها ابن رشد على التفسير.
والضمير في (بَسَاتِينِهِ) عائد على البلد، والضمير في (حُكْمِهِ) يحتمل عوده على البلد، أو على لفظة (بناء خارجه).
قوله:(وَفِي الْعَمُودِيِّ بُيُوتُ الْحِلَّةِ) يعني: والبدوي لا يقصر حتى يجاوز بيوت الحِلَّة. قوله:(وَفِي غَيْرِهِ الانفِصَالُ) أي: عن منزله كالساكن بجبل.