ونحوه. وقد نقل ابن بشير الاتفاق على جواز الجمع للمريض سواء خاف على عقله، أو كان الجمع أرفق به، وليس كذلك، فقد نقل ابن يونس والمازري وغيرهما عن ابن نافع أن خائف الإغماء لا يجمع، وأنه يصلي كل صلاة لوقتها فما أغمي عليه حتى ذهب وقته لم يكن عليه قضاؤه. وحكي ابن راشد قول ابن نافع في ذي البطن المنخرق، ولعله وهم وجعل خائف الإغماء يجمع بالاتفاق كابن بشير، ولعل السبب في ذلك الوقوف مع ظاهر كلام المصنف.
تنبيه:
حكي الباجي وصاحب المقدمات عن أشهب إجازة الجمع لغير سبب؛ لحديث ابن عباس:"جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في غير خوف، ولا سفر، ولا مطر". وعلى هذا فيمكن أن يريد المصنف بقوله:(وَفِي الْخَوْفِ لابْنِ الْقَاسم ِقَوْلانِ) قول أشهب. والمذهب عدم جواز الجمع لغير سبب خلافاً لأشهب، وحينئذ يسقط عن المصنف اعتراض ابن عبد السلام المتقدم. فإن قلت: أشهب لم يخصص بالمريض والمصنف إنما تكلم فيه؟ فالجواب أن أشهب إذا أجاز ذلك مطلقاً فلأن يجيزه في المريض من باب أولى. فإن قلت: لعل مراد أشهب الجمع الصوري؟ فالجواب أن الباجي وابن رشد وغيرهما من الأئمة لم ينقلوه على ذلك، ولو كان كذلك لم يكن لنسبته لأشهب معنى، والله أعلم.
وقوله:(وَفِي الْخَوْفِ لابْنِ الْقَاسم ِقَوْلانِ) القولان هما في العتبية، والذي رجع إليه الجواز. الباجي: ووجهه أن مشقته أكبر من مشقة السفر والمرض والمطر. قال: وإذا قلنا بالجمع فإنه على ضربين كالمرض؛ إن كان خوفاً يتوقع مع تأخير الصلاة جمعهما في أول الوقت،