يعني: أن السبب إنما يطلب ابتداء لا دواماً؛ ولأن عودته لا تؤمن؛ فلذلك لو انقطع المطر في المغرب والعشاء جاز الجمع، وإليه أشار بقوله:(وَلَوِ انْقَطَعَ ... الخ). قال المازري: والأولى عدم الجمع إذا ظهر عدم عودته.
وَيَجْمَعُ المُعْتَكِفُ فِي الَمْسجِدِ
تبعاً للجماعة، ولأنه لو لم يجمع معهم بقي فيه طعن على الإمام، ثم يفوته فضل الجماعة، وإن جمع ثانياً لزم تكرار الجماعة، ولأجل التبعية استحب بعضهم للإمام المعتكف أن يستخلف من يصلي بالناس. وظاهر كلام صاحب تهذيب الطالب: وجوب استخلافه.
تصوره ظاهر، والقولان للمتأخرين، والمنع لأبي عمران. قال المازري: وخالفه غيره من الأشياخ. عبد الحق: والأول أصوب.
سؤال: وهو أن يقال إيقاع الصلاة في وقتها واجب، والجماعة سنة، فكيف جاز ترك الواجب، وتقديم الصلاة عن وقتها لتحصيل سنة وهي الجماعة؟ ومقتضى الشرع أن يصلوا المغرب في جماعة، ثم ينصرفوا، ويوقعوا العشاء في بيوتهم.
وأجاب القرافي رحمه الله بما حاصله أن الشرع قد يقدم المندوب على الواجب، إذا كانت مصلحة المندوب زائدة على مصلحة الواجب. ومثل ذلك بانتظار المعسر فإنه واجب والإبراء مندوب وهو مقدم، وبصلاة الجماعة فإنها وصفت بأنها أفضل من صلاة الفذ، وبالصلاة في الحرمين، وبما روى:"صلاة بسواك خير من سبعين صلاة بلا سواك".