اللخمي وغيره: وعلى هذا لا يصلون الجمعة إلا أن يكونوا هذا القدر؛ لأن الجمعة أولى أن يطلب لها ذلك. وذكر في اللمع عن بعض الأصحاب اعتبار عشرة، وذكر غيره قولاً باثنى عشر.
ابن عبد السلام: الذي يبين أن العدد المشترط إنما شرط في ابتداء إقامة الجمعة، لا في كل جمعة كما جاء في حديث العير أنه: لم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلاً. وقوله:(بِمَوْضِعٍ يُمْكِنُ التُّوَاءُ) أي: صيفاً وشتاء. والثواء بالثاء المثلثة: الإقامة، وأما المثناة فهو: الهلاك. وقوله:(أَوْ أَخْصَاصٍ مُسْتَوْطِنِينَ) عطف على قوله: (مِنْ بِنَاءٍ مُتَّصِلٍ). وانتصب (مُسْتَوْطِنِينَ) على الحال من (الذُّكُورِ الأَحْرَارِ)، وعلى الأصح راجع إلى قوله:(مُسْتَوْطِنِينَ). وعبر ابن شاس عن الأصح بالمعروف، ومقابله لا يشترط الاستيطان ويكتفي بالإقامة. فإن قلت: هل يصح أن يكون قوله: (عَلَى الأَصَحِّ) راجعاً إلى قوله: (أَوْ أَخْصَاصٍ)، ويكون مقابله ما تقدم من كلام يحيى بن عمر أنها لا تجب إلا بالمصر، فإن الأصح عدم اشتراط ذلك. قيل: لا؛ لأن قوله بعد هذا:(وعَلَيْهِمَا ... إلخ) يرفعه ويعين الوجه الأول.
أي: فإن اشترطنا الاستيطان لم تجب عليهم] ٩٠/أ [جمعة، ولو نووا أكثر من ذلك؛ لأن الاستيطان على ما قاله الباجي: المقام بنية التأبيد. ولو اكتفينا بمطلق الإقامة وجبت. وذكره الشهر من باب التمثيل، وإلا فالإقامة عند من يكتفي بها تحصل بأربعة أيام.
وفِي اعْتِبَارِ مَنْ لا تَجِبُ عَلَيْهِمْ مَعَهُمْ كَالْمُسَافِرِينَ والْعَبِيدِ قَوْلانِ
أي: إذا كن من تجب عليهم لا تنعقد بهم الجمعة، فانضم إليهم من لا تجب عليهم فهل تنعقد أم لا؟ بناء على أن الإتباع، هل تعطي حكم متبوعها أو تستقل؟ ومثل ابن بشير وابن شاس بالصبيان، والعبيد، والمسافرين.