للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان يأثم بمجرد قوله: أنصت. وهو أمر بمعروف لاشتغاله عن سماع الخطبة فالصلاة أولى. وما خرجه أبو داود والنسائي: أن رجلاً تخطى رقاب الناس والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له: "اجلس فقد آذيت" فأمره صلى الله عليه وسلم بالجلوس دون الركوع. قال ابن العربي: وحديثنا أولى؛ لاتصاله بعمل أهل المدينة. وتأول حديثهم على أن سليكاً كان مملوكا ودخل ليطلب شيئاً، فأمره صلى الله عليه وسلم أن يصلي ليتفطن له، فيتصدق عليه. ومن جهة القياس أن الإسماع واجب، والتحية ليست بواجبة، فالاشتغال بالواجب أولى.

فرع:

إذا ثبت أن الداخل والإمام جالس لا يركع، فأحرم جاهلاً أو غافلاً، فإنه يتمادى ولا يقطع على قول سحنون. ورواية ابن وهب عن مالك: وإن لم يفرغ حتى قام إلى الخطبة. وقال ابن شعبان في كتابه: يقطع. وكذلك لو دخل المسجد والإمام يخطب وأحرم لتادى على الأول دون الثاني. قال في البيان: إذ لا فرق بين أن يحرم والإمام يخطب، أو هو جالس على المنبر والمؤذنون يؤذنون؛ لقول ابن شهاب: وذلك لا يكون من قائله رأياً. قال: وهذا عندي في الذي يدخل المسجد تلك الساعة فيحرم، وأما من أحرم تلك الساعة من كان جالساً في المسجد لوجب أن يقطع قولاً واحداً، إذ لم يقل أحد بجواز التنفل له بخلاف الداخل، فإن بعض العلماء أجاز له التنفل لحديث سليك.

والتَّعَوُّذُ، والصَّلاةُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ. والتَّامِينُ عِنْدَ أَسْبَابِهَا جَائِزٌ، وفِي الْجَهْرِيَّة قَوْلانِ ...

إنما جازت هذه الأشياء؛ لأنها كالمجاوبة للخطيب، ألا ترى أنه لو كلم الخطيب أحداً لأجابه، ولم يعد لاغياً. نص عليه ابن القاسم. وقوله: (عِنْدَ أَسْبَابِهَا جَائِزٌ) أي: يتعوذ عند ذكر النار، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره، ويؤمن إذا دعى.

<<  <  ج: ص:  >  >>