للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَجِبُ تَكْفِينُ الْمَيِّتِ بِسَاتِرٍ لِجَمِيعِهِ، ويُوَارَي شَهِيدُ قِتَالِ الْعَدُوِّ فِي الْمُعْتَرَكِ فِي ثِيَابِه الَّتِي مَاتَ فِيهَا، فَإِنْ قَصَرَت عَنِ السَّتْرِ زِيدَ ...

أما وجوب التكفين فنص عليه المازري وصاحب المقدمات وغير واحد.

وأما قوله (لِجَمِيعِهِ) فهو ظاهر كلامهم. وفي التقييد والتقسيم أن الزائد على ستر العورة سنة.

وقوله (ويُوَارَي ...) إلى آخره، أي: من غير غسل ولا صلاة. فإن قيل: فَلِمَ غُسِّلَ الأنبياءُ وصلي عليهم مع أنهم أكمل؟ فالجواب من وجوه: أحدها: أن المزية بأمر لا تقتضي الأفضلية، ألا ترى ما ورد من أنه إذا أذن المؤذن أدبر الشيطان وله ضراط، فإذا صلى أقبل يوسوسه. الثاني: أن الصحابة فهموا الخصوصية في شهيد المعترك فبقي ما عداه على الأصل، ولأن للشرع في إبقائهم على حالهم غرضاً، وهو البعث عليها؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "زملوهم بكلومهم، فإنهم يبعثون يوم القيامة، اللون لون دم، والريح ريح مسك". الثالث: تشريع وأسوة.

ودليل قوله: (فَإِن قَصَرتْ عَنِ السِّتْرِ زِيدَ) حديث مصعب بن عمير أنه قتل يوم أحد، ولم يترك إلا نمرة، فكنا إذا غطينا بها رأسه بدت رجلاه، وإذا غطينا بها رجليه بدا رأسه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "غطوا رأسه، واجعلوا على رجليه شيئاً من الإذخر".

وفِي الدِّرْعِ والْخُفَّيْنِ والْقُلُنْسُوَةِ والْمِنْطَقَةِ قَوْلانِ

اتفق المذهب على أنهم لا يدفنون بالسلاح كالسيف والرمح والسكين. واختلف فيما ذكر. فرأى ابنُ القاسمِ الدرعَ من السلاح. فقال: ينزع. ولم يره مالك منه فقال: لا ينزع الثوب من الحديد الذى يقيه، ويدفن به إلا المنطقة. قال ابن القاسم: لا ينزع الفرو، ولا القنسوة، ولا الخفاف. وفى العتبية عن مطرف: ولا المنطقة إلا أن يكون لها خطب. وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>