والقول بنفي الاستحباب ذكره ابن بشير، وكذلك الشوشاوي فإنه قال: قال مالك مرة: ليس فيه إلا الدعاء من غير حمد، ولا ثناء لقوله عليه الصلاة والسلام:"أخلصوا له الدعاء". ثم رجع فاستحب دعاء أبي هريرة، وفيه حمد وثناء. انتهى.
وكذلك ذكر المازري عن بعض شيوخه أنه اعتقد أن المذهب على قولين. قال: وقد خرج مسلم حديث عوف بن مالك وليس فيه إلا الدعاء خاصة. ووجه إثباته أن الشرع ورد بأن يبتدئ كل أمر ذي بال بالتحميد. وفي الترمذي أنه عليه الصلاة والسلام أمر من يريد الدعاء أن يبتدئ بالحمد لله عز وجل والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو. وقد قال عمر رضي الله عنه: الدعاء موقوف بين السماء والأرض، لا يصعد منه شيء حتى يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم.
المازري: وإذا قلنا بالبداية بالحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فأشار بعض المتأخرين إلى أنه لا يقتصر فيه على التكبيرة الأولى. وقال بعضهم: واسع أن يقتصر عليه بعد الأولى وأن يعاد بعد كل تكبيرة. انتهى. ونقل ابن زرقون عن أبي بكر الوقار أنه قال: يحمد الله في الأولى، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في الثانية، ويشفع للميت في الثالثة.
قال ابن حبيب: يسلم من غير دعاء. وقال سحنون: يدعو ثم يسلم. وخيره صاحب الرسالة.
ولا يُسْتَحَبُّ دُعَاءٌ مُعَيَّنٌ اتِّفَاقاً ولا قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ
هكذا قال ابن بشير أنه لا يستحب دعاء معين بلا خلاف. فإن قلت: يعارضه قول ابن أبي زيد: ومن مستحسن ما قيل في ذلك. وقوله في المدونة: أحب ما سمعته إلي. فالجواب: أما الرسالة فليس فيها دعاء مخصوص؛ إذ قال فيها قبله: ويقال في ذلك غير شيء، وذلك كله واسع. وأيضاً فالمستحب ما ثبت بنص، والمستحسن ما أخذ من