لما قدم الكلام على الحلي بانفراده تكلم هنا عليه إذا اختلط بشيء من الجواهر. ومعنى كلامه أن لهذه المسألة صورتين: إحداهما: أن يمكن نزعه بغير ضرر. والثانية: أن لا يمكن إلا بضرر. فالأول يزكى النقد كل عام، والجوهر يزكى زكاة العروض من إدارة واحتكار، وهو معنى قوله:(فَالْحُلِيُّ نَقْدٌ والْجَوْهَرُ عَرْضٌ) و (مَنْظُوماً) حال من الضمير في المزكى، لا ما قاله ابن راشد: أنه خبر كان تقديره: والحلي المزكى إن كان منظوماً.
هذه هي الصورة الثانية. أي: وإن لم يكن نزعه إلا بضرر، وهو إما فساد أو خسارة أجرة على ذلك، ففي المسألة ثلاثة أقوال:
الأول: أن الحلي كالعرض سواء كان وزنه أكثر من قيمة الجوهر أو لا، وهو مذهب العتبية والموازية؛ لأنه لما خالطه الجوهر وهو عرض ولم يمكن نزعه أعطي حكمه، وعلى هذا فيقومه المدين كل عام، ويزكيه المحتكر لعام بعد البيع.
القول الثاني: أنه يتحرى ما فيه ويزكيه، والجوهر على حكمه، وهو مذهب المدون. قال في البيان: ولم يختلف قول مالك في رواية ابن القاسم: أنه يتحرى في الحلي المنظوم بالجوهر، ورواه أيضاً ابن وهب.
والثالث: أن الأقل منهما يعطى حكم الأكثر.
ابن راشد: ولم أره معزواً. وحكاه صاحب اللباب، فقال: وقيل في هذا الأصل يراعى الأكثر، فإن كان الذهب والفضة الأكثر زكى جميع ذلك، وإن كان اللؤلؤ والزبرجد الأكثر لم يزك، وهذا القول رواية لابن القاسم منصوصاً في السيف والمصحف، والباب واحد، وروي عن مالك. انتهى.